وأصله ان خداش بن حابس التميمي تزوج جارية من بني سدوس يقال لها الرَّباب وغاب عنها بعد ما ملكها أعواماً ، فعلقها آخر من قومها يقال له سلم ، ففضحها ،
وإن سلما شَرَدت له إبل فركب في طلبها ، فوافاه خداش في الطريق ، فلما علم به خداش كتمه أمر نفسه ليعلم خبر امرأته ، وسارا ،
فسأل سلم خداشاً : ممن الرجل ؟ فخّبره بغير نسبه ، فقال سلم :
أغبت عن الرباب وهام سلم بها ولها بعرسك ياخداش فيالك بعل جارية هواها صبور حين تضطرب الكباش ويالك بعل جارية كعوب تزيد لذاذة دون الرياش وكنت بها أخا عطش شديد وقد يروى على الظمإ العطاش فإن أرجع ويأتيها خداش سيـخبره بما لاقى الفراش
فعرف خداش الأمر عند ذلك ، ثم دنا منه فقال : حدثنا يا أخا بني سدوس ، فقال : علقت امرأةً غاب عنها زوجها ، فأنا أنعم أهل الدنيا بها ، وهي لذة عيشي ، فقال خداش : سر عنك ، فسار ساعة ، ثم قال : حدثنا يا أخا بني سدوس عن خليلتك ، قال : تسدَّيت خِباءها ليلا فبتُّ بأقر ليلة أعلُو وأعْلى وأعانق وأفعل ما أهوى ، فقال خداش : سر عنك ، وعرف الفضيحة ، فتأخر وأخترط سيفه وغطّاه بثوبه ، ثم لحقه وقال : ما آية ما بينكما إذا جئتها ، قال : أذهب ليلاً إلى مكان كذا من خبائها وهي تخرج فتقول :
ياليل هل من ساهر فيك طالب هوى خلةٍ لا ينزحن ملتقاهما
فأجاوبها :
نعم ساهر قد كابد الليل هائم بهائمه ما هوت مقلتاهما
فتعرف أني هو ، ثم قال خداش : سر عنك ، ودنا حتى قرن ناقته بناقته ، فحمل عليه بالسيف فقتله ، فأتى المكان الذي وصفه سلم ، فقعد فيه ليلاً وخرجت الرّباب وهي تتكلم بذلك البيت ، فجاوبها بالآخر ، فدنت منه وهي ترى انه سلم ، فقنَّعها بالسيف ففلق ما بين المفرق إلى الزور ، ثم ركب وأنطلق .