[center]
****
***
**
*
عندما عاد كريستوفر كولومبس من رحلة اكتشافه لأمريكا ، محمّلاً بالخيرات والأموال والطموحات ، استقبله الملك استقبالاً يليق بالفاتحين المغاوير ، فيما عيون أعداء النجاح والمزاودين تتقادح شرراً كالجمال ، حسداً وغيرة من لدن أنفسهم المريضة ، فهؤلاء دأبهم دوماً أن يزدروا إنجازات الآخرين وبطولاتهم وأفعالهم ويصغروها ، معتقدين أنهم يكبرون بهذا،،.
وكان هؤلاء سلكوا شتى السبل يقللون من شأن الاكتشاف الجديد ، بل ويفترضون سهولته وبساطته ، ويصغرون من شأن صاحبه ، فالكل أدعى أنه لو أبحر غرباً في الأطلسي ، فإنه بالتأكيد كان سيكتشف هذه الأرض البكر ، التي اكتشفها كولومبس ، دون كبير مشقة وعناء ، بل أن أحدهم تبجح قالاً إنه لو أطلق سفينة شراعية بلا ربان ، فحتماً كانت ستصل إلى ما وصل إليه،،.
صمت لهم كريستوفر واستوعبهم، ، وفهم ما يجول في تلافيف نفوسهم وجوانيتها ، واستأذن الملك أن يتحدى الحاضرين بعمل بسيط ، خلال مأدبة لتكريمه: فسمح له بذلك ، فما كان من كريستوفر ألا أن تناول بيضة من سلة البيض وقال: من منكم يستطيع أن يوقف هذه البيضة على رأسه؟؟، ، فهذا العمل بالتأكيد أسهل بكثير من اكتشاف قارة جديدة بحجم أمريكا.. أضاف بمكر وثقة ودهاء،،،.
أحد المتسرعين تقدم وأخذ البيضة ، معتقداً أن الأمر أسهل من شرب كأس ماء ، فما أن تركها على يافوخه ، حتى تدحرجت متحطمة ، ليسقط في إحراج كبير ، جلب له موجات تسونامي من ضحك الآخرين واستهزائهم،، ، ثم انبرى آخر وفعل كسابقه ، ثم آخر ، حتى عجز الجميع ، ولزموا صمتهم الخجول المذهول ، ولم يقدر أحد منهم على تثبيت البيضة على رأسه ، عندها طلب الملك من كريستوفر أن يوقف البيضة على رأسه ، إن كان باستطاعته ذلك.
كريستوفر تناول بيضة من السلة ، ونقرها على الطاولة بخفة ورقة ، حتى كسر قشرتها الخارجية ، وأحدث فيه تجويفاً صغيراً ، ثم أوقفها بسهولة على رأسه ، من عند طرفها المكسور ، عندها وقف الملك والحضور وقال: كلكم كان بإمكانكم أن يوقف البيضة على رأسه ، لو أنه فعل ما فعله كريستوفر ، لكن لم يفكر أحد بكسر طرف البيضة ، ولكنكم دائماً تنظرون إلى الأعمال العظيمة بعيون ضيقة ، فكيف كان بإمكانكم اكتشاف قارة؟؟،،.
في حياتنا اليومية تعج بمن يستصغرون أعمال الآخرين ، ويحجمونها وينظرون إليها بنصف عين أو بربعها ، ليس إلا حسداً من عند أنفسهم ، فكم هو مليء عالمنا بأعداء النجاح، ، الذين دأبهم الانقضاض على أفعال الناجحين وأعمالهم ، وكم نحتاج إلى من يستحسن الحسن ، ويقدر صنيع الرجال الحقيقيين ، ويكرمهم ويقدرهم: كي تبقى هذه السمة الطيبة حافزاً لمزيد من الأعمال العظيمة،،