[center]
إياك أن تستمع لهؤلاء!!
(الذين ضل سعيهم فى الحيوه الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا)
فإنهم يفسدون ويحسبون أنهم يصلحون، ويهدمون ويظنون أنهم يبنون، ويضيقون ويخالون أنهم يوسعون، ويعسرون ويزعمون أنهم ييسرون!!
هم أجهل الجهلاء، ويحسبون أنفسهم أعلم العلماء!
هم أحمق الحمقى، ويحسبون أنفسهم أعقل العقلاء!
هم أضل الضلال، ويحسبون أنفسهم على الحق المبين!
هم المنتسبون إلى السنة وهم أجهل الناس بها، وهم الداعون إلى الأخذ مباشرة من الكتاب والسنة وهم أبعد الناس عن فهمهما، وهم المنادون بالعودة إلى القرون المفضلة وهم أضل الناس عن سلوك جادتها!!
يزعمون أنه لا يوجد أحد على الحق سواهم!
وأن الله حجب الهدى والصلاح عن جميع الناس غيرهم!
وأن العليم جل في علاه منع الناس العلم وخصهم به!
وأن الحكيم الخبير عز وجل اختصهم بالعقل دون جميع الخلق!
لسان حال الواحد منهم: أنا أنا، وما أدراك ما أنا! لا تستمع إلا لي أنا! ولا تأخذ إلا عني أنا! ولا تقتنع إلا بكلامي أنا! لأنه لا يوجد في الوجود من يفهم إلا أنا! ولا يوجد في العالم من يعلم إلا أنا! ولا يوجد في الكون من يعقل إلا أنا!
يأخذون من الكتب ما يشاءون، ثم يرمون أصحابها في باقي كلامهم بأفحش الأغاليط!
يلتقطون من الروايات ما يشتهون، ويكذبون منها ما لا يرتضون!
يرفضون الشيء ويقبلون نظيره؛ لأنهم أعقل العقلاء!
يسلكون المسلك وينكرون على غيرهم سلوكه؛ لأنهم أفهم الفهماء!
يقولون في كل شيء: لا دليل عليه، وهم أبعد شيء عن فهم معنى الدليل!
يتجرءون على الإطلاقات الكبار، وهم أجهل الناس بالمسائل الصغار!
يكثرون من قول: لم يَرِد، ولا يُعرف، ولا يُوجد، وإذا فتشت عن جميع ما اطلعوا عليه وجدته لا يبلغ معشار ما قرأه طويلب علم في فنه!
يتكثّرون بما لا يعرفون أصله، ويتشبعون بما لا يحسنون فصله، ويتجملون بانتحال عبارات الكبار، وهم أبعد الناس عن مراتبهم ومناهجهم.
لم يركنوا إلى ركن وثيق يعتمدون عليه، ولم يتعلموا العلم من بابه فيحسنون سلوكه، ولم يثنوا الركب بين يدي العلماء ليعقلوا عقولهم عن سبل الفساد.
يبتدعون ويظنون أنهم مستنون!
ويقطعون في مسائل لا تصل إلى حد الظنون!
وهم في جميع أحوالهم لا إلى كبير ولا صغير من أهل العلم يرجعون!
لم يتهذبوا بأخلاق العلماء، ولم يتأدبوا بآداب الحكماء!
لم يقوّموا اعوجاج عقولهم، فصارت تفهم بالمقلوب!
ولم يثقفوا أود قلوبهم، فصارت تبصر بالمعكوس!
ولم يزيلوا غبش عيونهم، فصارت ترى ما لا وجود له!
فإذا نبهتهم لمثل هذا وتبينوا صدقه وصحته، جعلوه علامة على أنهم هم المجددون المجتهدون!
انقطعوا على أنفسهم، فلم يعرفوا لغيرهم فضلا!
وتنكبوا مناظرة العلماء، فلم يروا لغيرهم حسنا!
وانفصلوا عن سبيل أترابهم، فامتلئوا بالرضا عن أنفسهم!
لا أصول عندهم ولا قواعد، ولا إذعان لشيء مما قاله طريف أو تالد، ينسفون الجبال الرواسي نسفًا بجرة قلم ولا يبالون، ويهدّون القلاع الحصينة هدًّا بجرأة لسان ولا يجبنون!
اشتعلت نفوسهم بالكبر الدفين، والعجب الكمين، فتعلموا الجرأة على كل عظيم، والتقحم في كل قديم، والتهجم على كل رفيع!
يتكلمون في كل علم كلام العالم الراسخ، فيخال من لم يخبر حالهم أن ابن تيمية قد بعث من قبره، أو أن الطبري قد خرج عن عصره!
يناظرون كل متخصص في فنه وكأنهم أعلم به منه، فيشده لكلامهم الجهلاء والمطبلون، ويضحك ويبكي من جهلهم العلماء والمتخصصون!
ينصحون المبتدئين في طلب العلم بحفظ المتون، وهم لا يحفظونها!
ويشيرون على المتحيرين في مسائل العلم بقراءة بعض الكتب، وهم لا يقرءونها!
ويفتخرون بشهادات وهم لم يحصلوا عليها!
ويتصنعون التواضع بعدم ذكر الممادح، وفي جعبتهم ما هو أكثر من الفضائح والقوادح!
ويضعون مناهج للطلب، وهم لم يسيروا عليها! بل لم يسيروا على أي منهج أصلا!
يبينون أهمية العربية وعلومها، وكلامهم كله لحن في لحن!
ويذكرون فضل أصول الفقه، ولم يقرءوا كتابا واحدا فيه!
بل يتصدرون مجلس الدرس والتعليم، وبعضهم لم يجاوز العشرين!
وأعجب من ذلك أن يكون للواحد منهم طلاب ومريدون يحيطون به في كل مكان يذهب إليه، ويسألونه في كل ما يشكل عليهم، بل يحملون له الحذاء ويقبلون اليد!!
أوتي الواحدُ منهم نعمةَ العلم في مسألة من المسائل، فصار يحسب أنه على مثل ذلك في كل شيء، وظن أنه قد أحاط بكل شيء علما!
رُزِق الفردُ منهم فهمَ ما زل فيه بعض من سلف من العلماء، فصار يظن أنه أفهم من جميع العلماء في كل شيء!
اطلع على ما خفي عن بعض الكبراء في أفراد المسائل، فطفق يختال عجبا بوقوفه على ما لم يقفوا عليه، ثم حسب المسكين أن حاله في كل شيء كذلك!
ولولا أن منهجهم يهدم نفسه بنفسه، لكان لي في الرد عليهم شأن!
ولولا أن العقلاء كثر والحمد لله، لكان الرد عليهم أجدر!
ولولا أنهم يموتون إذا تُركوا، لكان بيان عوارهم من أهم المهمات!
فالحمد لله على نعمة الإسلام أولا، وعلى نعمة العقل ثانيا، وعلى نعمة الفهم ثالثا.
والحمد لله أن نجانا من اعوجاج الفهم، وسقم العقل، وفساد المنهج.
والحمد لله أن بصرنا بباطل هؤلاء، وعرفنا جهلهم وعوارهم.
الحمد لله، ثم الحمد لله!