كثيرا ما تشغلنا الحياة وأعباؤها عن الاهتمام بالأقربين والحفاظ على جسور الود بيننا وبينهم. لذا، فليكن رمضان فرصة لتجديد دماء علاقاتك بأفراد عائلتك وبصلة رحمك.
فصلة الرحم من المظاهر الإنسانية التي حث عليها الإسلام وربطها بفضائل تعود على المسلم في الدين والدنيا. وتعني صلة الرحم التودد إلى الأقارب قولا وفعلا، مع الاهتمام بهم وتفقد أحوالهم، ومساعدتهم ماديا ومعنويا.
ويظهر حرص الإسلام على صلة الرحم وتعظيم شأنها لدرجة أنها وسيلة لصلة الله والتقرب إليه في حديث روته السيدة عائشة رضي الله عنها، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الرحم متعلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذلك لك". كما أنها ارتبطت بالإيمان في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
ومن فضائل صلة الرحم وسع الرزق والبركة في العمر، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره، فليصل رحمه". وعن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سره أن يمد له في عمره، ويوسع له في رزقه، ويدفع عنه ميتة السوء، فليتق الله وليصل رحمه".
وقد بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى صلة الرحم الحقيقية، وفرّق بين الواصل والمكافئ. فالمكافئ هو من يرد على إحسان ذوي رحمه بإحسان مماثل، أما الواصل حقا فهو الذي يصل من قطعه. فجاء في صحيح البخاري عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها". وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسـول الله إن لي قرابة أصلهـم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليّ فقال صلى الله عليه وسلم: "إن كنت كما قلت فكأنما تُسِفهّم المَلّ ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك". والمَلّ أي الرماد الحار بمعنى أنهم ينالهم إثما كبيرا بقطيعتهم وإساءتهم لقريبهم الذي يحسن إليهم.