أنا ...
تسألونني من أنا ؟!
أنا ...
دمعة حيرى في صحراء العيون ...
أنا ...
قصيدة شاعر أنسته إياها السنون ...
أنا ...
نطفة خالق ماتت قبل أن تكون ...
تسألونني عن وطني ؟!
وطني عالم الأحزان ...
عـــــدو النســـــيان ...
تسألونني عن جنسيتي ؟!
جنسيتي أنسان ضائع في كل الدروب ...
يومي لا يعرف شروقاً من غروب ...
حياتي كتاب سطوره من ألم ...
ورغم هزائمي لا أعرف الندم ...
كياني كتلة من الأشجان ...
لاتعرف للراحة عنوان ...
ولا لليأس مكان ...
وتعاودوا وتسألونني ...
من أكون ؟!
أنا دمعة الأسى ...
أقضي أيامي غريق في وحدتي ...
فمركبي ذكرى وأحلامي شراع ...
أحمل على ظهري كيساً لا يوجد فيه سوى ...
أحزان الغربة وآلام الضياع ...
نعم !!
ضائع أنا وسط أهلي وفي وطني ...
وأنتم أيضا !!
لا تقولوا لا ...
فكلنا ضائعون ...
هائمون في صحراء لا يعلم لها أول من آخر ...!!
ماذا يحدث يا سادة ؟!
هل يعرف أحد ما الذي يحدث ؟!
الماضي..!!
أين ذهب ؟!
وأبطاله ؟!
ماذا جرى لهم ؟!
أين هم ؟!
بقاياهم التي سكنت المتاحف ...
وكلماتهم التي ملأت كتب الدراسة ...
كل ذلك تبعثر وتناثر ...
ماذا بقي لنا ؟!!
هل هو الشلل الذي يتسلل إلى الجسد
ليفصل الروح عنه ؟!
أم هو ذلك الشعور بالعجز ...
الذي اجتاح كياننا ...
على الرغم من قدرتنا على النهوض ...
ومواجهة المستحيل ...!!
كل الأوراق ...
ماهي إلا لفافات ميتة لأبناء العرب ...
الذين ضحوا بأنفسهم من أجل أن نعيش ..!!
والمكتوب ...
ماهو إلا توقيع هؤلاء الشهداء ...
خطوة بحبر دمائهم التي سالت
على تراب الوطن الغالي ...
نحن بحاجة لأن نقف مع أنفسنا ...
بحاجة إلى أن نتطهر من دمائنا ...
التي تملؤها الجراثيم ...
والعفن الذي تغلغل في أعماقنا ...
نعم ..!!
نحن بحاجة إلى تجديد دمائنا ...
بحاجة إلى ذلك لكي نتحرر ...
ونحرر الأرواح التي تأبى المهانة لتعيش ...
بالله عليكم ...
هل يعرف أحد ما الذي يحدث ؟!
ولماذا اقحوانات الشتاء اندثرت ؟!
ولماذا العبرة في أعيننا تحجرت ؟!
رغم أن أفراح الماضي ولت !!
وأحزان اليوم قد انتشرت !!
وشموع الأمس .... لقد ذابت !!
وظلال الغد التي رسمناها ....
أضحت أشباح ذكرى !!
عبير الأحلام ....
وشذى الأيام ....
ونسمات أنغام المستقبل ....
كـــلــــها .....
قد تلاشت !!
اسمحوا لي أن أكررها ....
ليتني كنت من الزمن القديم ....!!
وليتني انتهيت مع الزمن القديم ....!!
فلقد ضاع اليقين ...
ولبر الأمان زاد الحنين ...
إنه العمر مضى ....
وضـــــاعــــت السنين ...!!
ومازلت أسابق الزمن ....
أحاول ...
لا أريد الكثير ....
أريد بعضاً من حنان العالم ...
أريد ابتسامة العالم ...
أريد أن أكون أنا ....
لا غيري ...!!
تمزقي يا سطور ....
واعبري كل البحور ....
غني لآلام الوجود ....
وسيري عبر العصور ....
احكي بقايا زمن ...
واروي قصة العصفور ...
تمزقي يا سطور ...
يأسرني شذاكِ ....
فلتتمزقي ...
علكِ تأسري غيري ....
بأريج عطركِ المنثور ....
تمزقي يا سطور ....
وأعلمي النقاط أنه لا مجال للعبور ...
قولي للمروج .... لا حروف ...!!
فلقد أسرها الصمت ....
كما أسر الصمت الليل الحنون ....
تمزقي ...
وعاودي الصمود ...
بنبرات السكون ....
فلتتمزقي....
قبل أن يذبحوكِ ....
بسكين مسنون ....
تمزقي ....
فالإنسان أصبح بعضاً
من مصالح ونقود ....
في عالم مجنون ...!!!
أنا حزين ....
من مملكة الأحزان ...
شعاري علم عليه من العذاب ألوان ...
ولكن ..!!!
ورغم كل ذلك ....
سأبقى دائماً وأبداً ...
الدمعة المتفائلة في زمن اليأس !!!
فلا تسألونني ثانية ...
من أنا ؟؟!!!
أو من أكون ؟!!!