الانسان من حيث هو مكلف هل هو مسير أم مخير؟ هناك من يقول أن الإنسان مسير(أي مجبور) لا مخير (أي له إرادة) ومن قائل أنه مخير تخييرا تاما منفصلا عن إرادة الله فالمعتزلة يقولون هو مخير تخييرا مطلقاً -إلى هنا الكلام صحيح ولكن تتمة كلامهم من أبطل الباطل- بحيث أنه يفعل ما لا يشاء الله أي كأنهم يقولون أنه يخلق أعماله وأفعاله بنفسه دون إرادة ومشيئة الله عز وجل . فهم خلطوا الحق بالباطل فالحق: إن الإنسان مختار. والباطل هو نفي إرادة الله عز وجل لأفعال الإنسان الاختيارية مخالفين بهذا قول الله تبارك وتعالى: ((وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) سورة التكوير آية 29 والجبرية يقولون: أن الإنسان مسير لا مخير وهو قول يقابل قول العتزلة وحدثت نغمة حديثة بغيضة صوفية تزعم التوفيق بين الرأيين حيث قالوا إن الإنسان مختار ظاهرا مجبور باطنا حتى قال بعضهم إن الله تعالى لما قال لآدم وزوجه ((ولا تقربا هذه الشجرة)) فقالوا الأمر بعدم الاقتراب ظاهري لكن باطنيا الله أمرهم بأكلها لأنه هكذا قضاء الله وقدره. والقول الحق هو أن الإنسان مختار اختيار مطلق في كثير من الأعمال وليس مختار في غيرها وأينما وجد الاختيار وجد التكليف وحيثما انتفى الاختيار انتفى التكليف. واختيار الإنسان مقيد بمشيئة الله. لأن الجبر والتكليف نقيضان لا يجتمعان. فالإنسان له اختيار ولكنه مقيد بمشيئة الله عز وجل وليس رغما عن إرادة الله كما يفهم من قول المعتزلة. ولذلك جاء في بعض الأحاديث أن القدرية هم مجوس هذه الأمة (والقدرية هم المعتزلة) وهم نفاة القدر. مع أن الله يصرح في القرآن بأن كل شيء بقدر ((إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)) وقوله: ((وكل أمر مستقر)) وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله ((كل شيء بقدر حتى العجز والكيس )) صحيح البخاري فمن ناحية التخيير والتسيير انقسمت آراء الفرق بين رأي : 1. المعتزلة 2.الجبرية 3.أهل الحديث ويوافقهم في الرأي من ناحية هذا الأمر الماتريدية .