وما أن جلست شجر الدر على العرش حتى قبضت على زمام الأمور وأحكمت إدارة شؤون البلاد وكان أول عمل أهتمت به هو تصفية الوجود الصليبي في البلاد وإدارة مفاوضات معه أنتهت بالاتفاق مع الملك لويس التاسع الذي كان أسيرًا بالمنصورة على تسليم دمياط وإخلاء سبيله وسبيل من معه من كبار الأسرى مقابل فدية كبيرة قدرها ثمانمائة ألف دينار يدفع نصفها قبل رحيله والباقي بعد وصوله إلى عكا مع تعهد منه بعدم العودة إلى سواحل البلاد الإسلامية مرة أخرى.
المعارضة
غير أن الظروف لم تكن مواتية لأن تستمر في الحكم طويلاً على الرغم مما أبدته من مهارة وحزم في إدارة شؤون الدولة وتقربها إلى العامة وإغداقها الأموال والإقطاعات على كبار الأمراء فلقيت معارضة شديدة داخل البلاد وخارجها وخرج المصريون في مظاهرات غاضبة تستنكر جلوس امرأة على عرش البلاد وعارض العلماء ولاية المرأة الحكم وقاد المعارضة العزّ بن عبد السلام لمخالفة جلوسها على العرش للشرع.
وفي الوقت نفسه ثارت ثائرة الأيوبيين في الشام لمقتل توران شاه وأغتصاب المماليك للحكم بجلوس شجر الدر على سدة الحكم ورفضت الخلافة العباسية في بغداد أن تقرّ صنيع المماليك فكتب الخليفة المستعصم إليهم
"إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً".
تنازلها عن العرش
ولم تجد شجر الدر إزاء هذه المعارضة الشديدة بدًا من التنازل عن العرش للأمير عز الدين أيبك أتابك العسكر الذي تزوجته وتلقب باسم الملك المعز وكانت المدة التي قضتها على عرش البلاد ثمانين يوماً.
وإذا كانت شجر الدر قد تنازلت عن الحكم والسلطان رسمياً وانزوت في بيت زوجها فإنها مارسته بمشاركة زوجها مسئولية الحكم فخضع هذا الأخير لسيطرتها فأرغمته على هجر زوجته الأولى أمّ ولده علي وحرّمت عليه زيارتها هي وابنها وبلغ من سيطرتها على أمور السلطان أن قال المؤرخ الكبير "ابن تغري بردي" "إنها كانت مستولية على أيبك في جميع أحواله ليس له معها كلام".