قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن أحب الناس إلى الله أنفعهم, وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة".إذا كان هذا هو واجب المسلمين نحو بعضهم البعض، فواجب المسلم تجاه زوجته أكبر وأعظم. وبعضاً من هذه المشاعر الجميلة والملاطفات التي يغدقها الزوج على زوجته تزيد الحب والمودة بينهما وتكلل حياتهما بالتجديد الممتع. والأهم أن هذه الملاطفات ستدخل السرور والرضا إلى قلب إنسان جبل من توقد العاطفة وشدة التأثير، وكم هو عظيم ثواب ذلك العمل البسيط.
إن المرأة بطبعها مرهفة الحس، تتوق دوماً إلى الحنان والاهتمام، وإذا فقدت الحنان فإنها تجد نفسها خاوية قليلة الصبر، كليلة الروح؛ فواجب الزوج هنا هو ألا يبخل عليها بشيء مهما رآه صغيراً لأن المرأة تشعر وتتمنى لو يفهم زوجها ما بداخلها من عواطف في أشد الحاجة إلى التعبير والتبادل، فكلمة غزل واحدة قد تزيل عناء يوم كامل لأنها تحول مجرى الأحاسيس فتقلبها من حزن لفرح.
كينونة المرأة ورقتها واحتياجها للعطف والحنان جعلاها معرضة دائماً للجهد النفسي والجسدي هذا بالإضافة إلى مسئولياتها المتعددة ومتطلباتها، فإذا أشبع جانب الاحتياج العاطفي فسيكون طريقاً لتذليل كل مصاعب الواجبات والمسئوليات الأخرى. إن جهد تربية الأبناء وحده وطموح تنشئتهم تنشئة صالحة يحتاج لجهدٍ كبير حيث شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وظيفتها بالجهاد والذي هو ذروة سنام الإسلام، ووصى في المرأة فقال صلى الله عليه وسلم أيضاً:" استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج شيءٍ في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمهُ كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً". فتقويم الاعوجاج يكون برفق حتى لا يكسر ولا يترك فيستمر على عوجه.
ولا تنفصل معطيات إظهار العواطف للزوجة عن الإطراء عليها، فهذه طبيعة جُبل عليها الإنسان وعند المرأة تزداد قليلاً . أما الإطراء فيجب أن يكون من غير نفاق أو غرض غير تقوية العلاقة وتوطيدها . كثير من الأزواج يحتفظون بل يبخلون على زوجاتهم بكلمة إطراء واحدة وهم لا يدركون أثرها الفعال في تدعيم أواصر العلاقة الزوجية. فمهما رأى الزوج أنه مكمل لكل رغبات وطلبات أهل بيته من أمور مادية ومسكن ومأكل وملبس وحتى قضاء أوقات الترفيه معهم، فإنها إن تمت بطرقة رتيبة وآلية لن يكون لها جدوى وتشعر الزوجة حيالها بأنها ليست أكثر من أداء الواجب . فمتوقع من الأزواج التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان قمة في الرقة مع أهل بيته وهو قائد الأمة, فقليل من ملاطفة الزوج زوجته وإغداق الحنان والعطف عليها لن تنقص من رجولته شيئاً وإنما تزيد من إنسانيته وتظهر رهافة حسه وكرم أخلاقه.