هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي
[1] بن غالب
[2] بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهو أبن عمّ
زيد بن عمرو بن نفيل الموحد على
دين إبراهيم.
أمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وهي ابنة عمّ كلاًّ من
أم المؤمنين أم سلمة والصحابي خالد بن الوليد. كما تعتبر أمه ابنة عم
أبو جهل[3].يجتمع نسبها مع النبي
محمد بن عبد الله في كلاب بن مرة
[2].
لقبه "الفاروق" وكنيته "أبو حفص"، ويرجع سبب إطلاق
المسلمين السنة لقب "الفاروق" على عمر ابن الخطاب، لأنه حسب الروايات أنه أظهر
الإسلام في
مكة المكرمة وكان الناس يخافونه، فيعتبرون أن فرق الله به بين الكفر والإيمان
[4] وإن كان
الشيعة يرون أن من لقب بـ "الفاروق" من قبل النبي
محمد بن عبد الله هو
علي بن أبي طالب.
[5] وكان منزل عمر في
الجاهلية في أصل الجبل الذي يقال له اليوم
جبل عمر، وكان اسم الجبل في الجاهلية العاقر وبه منازل بني عدي بن كعب، وكان عمر من
أشراف قريش، وإليه كانت السفارة فهو سفير قريش، فإن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيراً
مولده ونشأته
ولد بعد
عام الفيل وبعد مولد الرسول بثلاث عشرة سنة
[8]. نشأ في
قريش وامتاز عن معظمهم بتعلم
القراءة. عمل راعياً للإبل وهو صغير وكان والده غليظاً في معاملته
[9]. وكان يرعى لوالده ولخالات له من بني مخزوم. وتعلم
المصارعة وركوب الخيل والفروسية، والشعر. وكان يحضر
أسواق العرب وسوق عكاظ ومجنة وذي المجاز، فتعلم بها
التجارة[10]، وأصبح يشتغل
بالتجارة، فربح منها وأصبح من أغنياء
مكة، ورحل صيفاً إلى بلاد
الشام وإلى
اليمن في الشتاء، واشتهر بالعدل
مظهره وشكله
كان عمر بن الخطاب أبيض البشرة تعلوه حمرة، وقيل أنه صار أسمر في
عام الرمادة حيث أصابته مع المسلمين مجاعة شديدة.
[12] وكان حسن الخدين، أصلع الرأس. له لحية مقدمتها طويلة وتخف عند العارضيان وقد كان يخضبها بالحناء وله شارب طويل
[13].
أما شاربه فقيل أنه كان طويلاً من أطرافه وقد روى
الطبراني، قال: حدثنا عبد الله بن
أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا
إسحاق بن عيسى الطباع قال رأيت
مالك بن أنس وافر الشارب فسألته عن ذلك فقال حدثني
زيد بن أسلم عن عامر بن
عبد الله بن الزبير أن عمر بن الخطاب كان إذا غضب فتل شاربه ونفخ
[14].
كان طويلاً جسيماً تصل قدماه إلى الأرض إذا ركب الفرس يظهر كأنه واقف وكان أعسراً سريع المشي. وكان قوياً شجاعاً ذا هيبة
عائلة عمر
تزوج وطلق ما مجموعه سبع نساء في الجاهلية والإسلام وله ثلاثة عشر ولدا
[15]، وهنك:
زوجاته قبل الإسلام
قال: أختك قد صبأت. فرجعت مغضباً وقد كان
يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة فيكونان معه ويصيبان من طعامه، وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين. فجئت حتى قرعت الباب،
فقيل: من هذا؟
قلت: ابن الخطاب وكان القوم جلوساً يقرؤون القرآن في صحيفة معهم. فلما سمعوا صوتي تبادروا واختفوا وتركوا أو نسوا الصحيفة من أيديهم. فقامت المرأة ففتحت لي.
فقلت: يا عدوة نفسها، قد بلغني أنك صبوت! - يريد أسلمت - فأرفع شيئاً في يدي فأضربها به. فسال الدم. فلما رأت المرأة الدم بكت، ثم قالت: يا ابن الخطاب، ما كنت فاعلاً فافعل، فقد أسلمت. فدخلت وأنا مغضب، فجلست على السرير، فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت،
فقلت: ما هذا الكتاب؟ أعطينيه.
فقالت: لا أعطيك. لَسْتَ من أهله. أنت لا تغتسل من الجنابة، ولا تطهر، وهذا {لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المُطَهَّرُوْنَ} [الواقعة: 79]. فلم أزل بها حتى أعطتنيه فإذا فيه: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} فلما مررت بـ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ} ذعرت ورميت بالصحيفة من يدي، ثم رجعت إلى نفسي فإذا فيها: {سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي السَّمَأوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيْزِ الحَكِيْمُ} [الحديد: 1] فكلما مررت باسم من أسماء اللّه عزَّ وجلَّ، ذعرت، ثم ترجع إلي نفسي حتى بلغت: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِيْنَ فِيْهِ} [الحديد: 7] حتى بلغت إلى قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِيْنَ} [الحديد: 8]
فقلت: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأشهد أن محمداً رسول اللّه. فخرج القوم يتبادرون بالتكبير استبشاراً بما سمعوه مني وحمدوا اللَّه عزَّ وجلَّ. ثم قالوا: يا ابن الخطاب، أبشر فإن
رسول الله دعا يوم الاثنين فقال: "اللّهم أعز الإسلام بأحد الرجلين إما
عمرو بن هشام وإما عمر بن الخطاب". وإنا نرجو أن تكون دعوة
رسول الله لك فأبشر. فلما عرفوا مني الصدق قلت لهم: أخبروني بمكان
رسول الله.
فقالوا: هو في بيت أسفل الصفا وصفوه. فخرجت حتى قرعت الباب.
قيل: من هذا؟
قلت: ابن الخطاب. فما اجترأ أحد منهم أن يفتح الباب.
فقال
رسول الله: "افتحوا فإنه إن يرد اللّه به خيراً يهده". ففتحوا لي وأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من النبيَّ
فقال: "أرسلوه". فأرسلوني فجلست بين يديه. فأخذ بمجمع قميصي فجذبني إليه ثم قال: "أسلم يا ابن الخطاب اللَّهُمَّ اهده"
قلت: أشهد أن لا إله إلا اللّه وأنك رسول اللّه. فكبَّر المسلمون تكبيرة سمعت بطرق مكة.
وقد كان استخفى فكنت لا أشاء أن أرى من قد أسلم يضرب إلا رأيته. فلما رأيت ذلك قلت: لا أحب إلا أن يصيبني ما يصيب المسلمين. فذهبت إلى خالي وكان شريفاً فيهم فقرعت الباب عليه.
فقال: من هذا؟
فقلت: ابن الخطاب. فخرج إليَّ فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟
فقال: فعلت؟ فقلت: نعم. قال: لا تفعل. فقلت: بلى، قد فعلت. قال: لا تفعل. وأجاف الباب دوني (رده) وتركني.:قلت: ما هذا بشيء. فخرجت حتى جئت رجلاً من عظماء قريش فقرعت عليه الباب.
فقال: من هذا؟
فقلت: عمر بن الخطاب. فخرج إليَّ، فقلت له: أشعرت أني قد صبوت؟
قال: فعلت؟ قلت: نعم. قال: لا تفعل. ثم قام فدخل وأجاف الباب. فلما رأيت ذلك انصرفت. فقال لي رجل: تحب أن يعلم إسلامك؟ قلت: نعم. قال: فإذا جلس الناس في الحجر واجتمعوا أتيت فلاناً، رجلاً لم يكن يكتم السر. فاُصغ إليه، وقل له فيما بينك وبينه: إني قد صبوت فإنه سوف يظهر عليك ويصيح ويعلنه. فاجتمع الناس في الحجر، فجئت الرجل، فدنوت منه، فأصغيت إليه فيما بيني وبينه.
فقلت: أعلمت أني صبوت؟
فقال: ألا إن عمر بن الخطاب قد صبا. فما زال الناس يضربونني وأضربهم. فقال خالي: ما هذا؟ فقيل: ابن الخطاب. فقام على الحجر فأشار بكمه فقال: ألا إني قد أجرت ابن أختي فانكشف الناس عني
الهجرة إلى المدينة
بحسب الرواية المشهورة لدى
السنة، لم يهاجر أحد من المسلمين إلى
المدينة المنورة علانية إلا عمر بن الخطاب، حيث لبس سيفه ووضع قوسه على كتفه وحمل أسهما وعصاه القوية، وذهب إلى
الكعبة حيث طاف سبع مرات، ثم توجه إلى
مقام إبراهيم فصلى، ثم قال لحلقات المشركين المجتمعة: "شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه ويوتم ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي". فلم يتبع أحد منهم إلا قوم مستضعفين أرشدهم وعلمهم ومضى
[24][25].
ووصل عمر
المدينة المنورة ومعه ما يقارب العشرين شخصاً من أهله وقومه، منهم أخوه
زيد بن الخطاب، وعمرو وعبد الله أولاد سراقة بن المعتمر، وخنيس بن حذافة السهمي زوج ابنته
حفصه، وابن عمه
سعيد بن زيد أحد المبشرين بالجنة. ونزلوا عند وصولهم في
قباء عند رفاعة بن عبد المنذر. وكان قد سبقه
مصعب بن عمير وابن أبي مكتوم و
بلال وسعد و
عمار بن ياسر.
وفي
المدينة المنورة آخى النبي
محمد بن عبد الله بينه وبين
أبو بكر [25] وقيل عويم بن ساعدة
[26] وقيل
عتبان بن مالك [27] وقيل
معاذ بن عفراء [25]، وقال بعض العلماء أنه لا تناقض في ذلك لاحتمال أن يكون الرسول قد أخى بينه وبينهم في أوقات متعددة
قتاله مع المسلمين
وفقا ل
ابن الجوزي ثبت أن عمر شهد جميع المواقع والغزوات التي شهدها النبي محمد
[29] ففي
غزوة بدر كان عمر ثاني من تكلم ردا على الرسول محمد عندما استشارهم قبل الغزوة بدر بعد أبو بكر، فأحسن الكلام ودعا إلى قتال المشركين. وقد قتل عمر خاله
العاص بن هشام في تلك الغزوة. وفي غزوة أحد رد عمر على نداء أبي سفيان حين سأل عمن قتل. وفي غزوة الخندق صلى العصر فائتا مع الرسول بعد أن غابت الشمس
خلافته
لقد قال فيه عمر يوم أن بويع بالخلافة: رحم الله أبا بكر، لقد أتعب من بعده. ولقد كان عمر قريبًا من أبى بكر، يعاونه ويؤازره، ويمده بالرأي والمشورة، فهو الصاحب وهو المشير.
وعندما مرض أبو بكر راح يفكر فيمن يعهد إليه بأمر المسلمين، هناك
العشرة المبشرون بالجنة، الذين مات
الرسول وهو عنهم راضٍ. وهناك أهل
بدر، وكلهم أخيار أبرار، فمن ذلك الذي يختاره للخلافة من بعده؟ إن الظروف التي تمر بها البلاد لا تسمح بالفرقة والشقاق؛ فهناك على الحدود تدور معارك رهيبة بين المسلمين و
الفرس، وبين المسلمين و
الروم. والجيوش في ميدان القتال تحتاج إلى مدد وعون متصل من عاصمة
الخلافة، ولا يكون ذلك إلا في جو من الاستقرار، إن الجيوش في أمسِّ الحاجة إلى التأييد بالرأي، والإمداد بالسلاح، والعون بالمال والرجال، والموت يقترب، ولا وقت للانتظار، فكان عمر هو الاختيار الأنسب عند أبو بكر، فهو تمناه الرسول محمد يوم قال: اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك، عمر بن الخطاب وعمر بن هشام" [الطبراني]، فكان عمر بن الخطاب. وسارع الصديق باستشارة أولى الرأي من
الصحابة في عمر، فما وجد فيهم من يرفض مبايعته، وكتب عثمان كتاب العهد، فقرئ على المسلمين، فأقروا به وسمعوا له وأطاعوا.
تسميته بأمير المؤمنين
على خلاف مع
الشيعة يرى
أهل السنة أن عمر بن الخطاب أول من سمي بـ "أمير المؤمنين"، فبعد وفاة النبي
محمد خلفه
أبو بكر والذي كان يلقب بـ "خليفة رسول الله" كما يروي ذلك
أهل السنة. فلما توفي
أبو بكر أوصى للخلافة بعده لعمر بن الخطاب، فقيل لعمر "خليفة خليفة رسول الله". فاعترض عمر على ذلك قائلاً: فمن جاء بعد عمر قيل له خليفة خليفة خليفة رسول الله فيطول هذا ولكن أجمعوا على اسم تدعون به الخليفة يدعى به من بعده الخلفاء.
[بحاجة لمصدر] فقال بعض أصحاب رسول الله نحن المؤمنون وعمر أميرنا. فدُعي عمر أمير المؤمنين. في حين يصر
الشيعة على أن
علي بن أبي طالب هو أول من لقب بـ "أمير المؤمنين
خلافته
حين تولى عمر الخلافة خطب فقال:
«أيها الناس إني قد وليت عليكم ولولا رجاء أن أكون خيركم لكم وأقواكم عليكم وأشدكم استطلاعا بما ينوب من مهم أموركم ماوليت ذلك منكم ولكفى عمر مهما محزناً انتظار موافقة الحساب بأخذ حقوقكم كيف آخذها ووضعها أين أضعها وبالسير فيكم كيف أسير فربي المستعان. فإن عمر أصبح لايثق بقوة ولاحيلة إن لم يتداركه الله عز وجل برحمته وعونه وتأييده
».
[بحاجة لمصدر]وقد اتسم عهد الفاروق "عمر" بالعديد من الإنجازات الإدارية والحضارية، لعل من أهمها أنه أول من اتخذ
الهجرة مبدأ للتاريخ، وفقا لمشورة علي بن أبي طالب.
[34]. كما أنه أول من دون الدواوين، وهو أول من اتخذ بيت المال، وأول من اهتم بإنشاء المدن الجديدة، وهو ما كان يطلق عليه "تمصير الأمصار"، وكانت أول توسعة لمسجد
الرسول في عهده، فأدخل فيه دار "
العباس بن عبد المطلب"، وفرشه بالحجارة الصغيرة، كما أنه أول من قنن الجزية على أهل الذمة، فأعفى منها الشيوخ والنساء والأطفال، وجعلها ثمانية وأربعين درهمًا على الأغنياء، وأربعة وعشرين على متوسطي الحال، واثني عشر درهمًا على الفقراء.
فتحت في عهده
بلاد الشام و
العراق و
فارس و
مصر و
برقة و
طرابلس الغرب و
أذربيجان و
نهاوند و
جرجان. وبنيت في عهده
البصرة و
الكوفة وقد سمى الكوفة بجمجمة العرب ورأس الإسلام ويقول
حسن العلوي أن عمر هو مؤسس حضارة رافدية مثله مثل
سرجون الأكدي و
حمورابي و
نبوخذنصر [1]. وكان عمر أوّل من أخرج
اليهود من
الجزيرة العربية من أولوياته