الطاقة النووية هي الطاقة التي يتم توليدها عن طريق التحكم في تفاعلات انشطار أو اندماج الأنوية الذرية. تستغل هذه الطاقة في محطات توليد الكهرباء النووية، لتسخين الماء لإنتاج بخار الماء الذي يستخدم بعد ذلك لإنتاج الكهرباء.
في 2009، شكلت نسبة الكهرباء المنتجة من الطاقة النووية بحوالي 13-14 % من إجمالي الطاقة الكهربية المنتجة في العالم.[1] كما تعمل الآن أكثر من 150 غوّاصة الآن بالطاقة النووية.
العلماء ينظرون إلى الطاقة النووية كمصدر حقيقي لا ينضب للطاقة. وما يثير تعض المعارضة حول مستقبل الطاقة النووية هو التكاليف العالية لبناء المفاعلات، ومخاوف العامة المتعلقة بالسلامة، وصعوبة التخلص الآمن من المخلفات عالية الإشعاع. بالنسبة إلى التكلفة فهي عالية نسبيا من حيث بناء المفاعل ولكن تلك التكاليف تعوض بمرور الوقت حيث أن الوقود النووي رخيص نسبيا. وأما بالنسبة إلى المخاوف المذكورة فهي تُستغل من الأحزاب السياسية في الانتخابات بين مؤيدين ومعارضين بغرض الحصول على مقاعد كثيرة في البرلمانات. وقد تقدمت الصناعات النووية كثيرا بحيث أن لديها الاستعدادات لحل مسائل سلامة تشغيل المفاعلات والتخلص السليم من النفايات المشعة
تأثير الإشعاع على الكائنات
يتسبب الاشعاع النووي عند الجرعات الإشعاعية الكبيرة في تشوهات وإعاقات تصعب معالجتها وقد يصل تأثيرها إلى حد موت من يصاب بها. ويؤثر الإشعاع النووي مباشرة على مكونات الخلايا الحية نتيجة تفاعلات لا علاقة لها بالتفاعلات الطبيعية في الخلية. وحجم الجرعة المؤثرة يختلف حسب نوعية الكائن الحي فهناك حشرات تموت عندما تمتص أجسامها طاقة نووية تصل فقط 20 جراي (وحدة)ْ (1 جراي = جول لكل كيلو جرام من الجسم المعرض للإشعاع النووي Gray = J/kg)، وحشرات لا تموت إلا عندما تصل الجرعة إلى حوالي 3000 جرَايْ (ضعف الجرعة السابقة 150 مرة). تأثر الثدييات يبدأ عند جرعة لا تزيد عن 2 جْراي، والفيروسات تتحمل جرعة تصل 200 جراي أي ضعف الجرعة المؤثرة على الثدييات 100 مرة.
وكمية النفايات المشعة نتيجة الانشطار النووي بمحطات إنتاج الكهرباء بالمفاعلات النووية محدودة مقارنة بكمية النفايات بالمحطات الحرارية التي تعمل بالطاقة الأحفورية كالنفط أو الفحم. فالنفايات النووية تصل 3 ميليجرام لكل كيلو واط ساعة (3 mg/kWh) مقابل حوالي 700 جرام ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو واط ساعة بالمحطات الحرارية العادية لكن هذه الكمية الصغيرة جدا من الإشعاع النووي قد تكون قاتلة أو قد تتسبب في عاهات وتشوهات لا علاج لها. لهذا فإن جميع الدول التي تستخدم الطاقة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية تعمل على التخلص من تلك النفايات المشعة بدفنها في الطبقات الجيولوجية العميقة تحت سطح الأرض بعيدا عن الناس، وقد تستمر فاعلية الإشعاعات لقرون بل لآلاف السنين حتي يخمد هذا الإشعاع أو يصل إلى مستوى يعادل الإشعاع الطبيعي. لهذا يحاول العلماء حاليا ً توليد الطاقة النووية عن طريق الاندماج النووي بدلا من الانشطار النووي الذي تنشطر فيه ذرات اليورانيوم وتعطي بروتونات ونيوترونات وجسيمات دقيقة، تـُحول حركتها إلى حرارة في ماء التبريد ومن بخاره المرتفع الضغط تـُولد الطاقة الكهربائية. ومشكلة توليد الكهرباء من المفاعلات النووية تتمثل في النفايات المشعة التي تسفر عن العملية. وهذه النفايات ضارة بالبشر وهذا ما جعل العلماء يسعون للحصول علي الطاقة عن طربق تقنبة الاندماج النووي التي تجري حاليا في الشمس والتي تسفر عن نفايات مشعة قليلة
تخصيب اليورانيوم
اليورانيوم هو المادة الخام الأساسية للمشروعات النووية المدنية والعسكرية. ويستخلص من طبقات قريبة من سطح الأرض أو عن طريق التعدين من باطن الأرض. ورغم أن مادة اليورانيوم توجد بشكل طبيعي في أنحاء العالم، لكن القليل منه فقط يوجد بشكل مركز كخام. وحينما تنشطر ذرات معينة من اليورانيوم في تسلسل تفاعلي بسمي بالانشطار النووي.، ويحدث ببطء في المنشآت النووية، وبسرعة هائلة في حالة تفجير سلاح نووي. وينجم عن ذلك انطلاق للطاقة وفي الحالتين يتعين التحكم في الانشطار تحكما بالغا. ويكون الانشطار النووي في أفضل حالاته حينما يتم استخدام النظائر من اليورانيوم-235 (أو البلوتونيوم 239)، والمقصود بالنظائر هي الذرات ذات نفس الرقم الذري ولكن بعدد مختلف من النيوترونات. ويعرف اليورانيوم-235 بـالنظير الانشطاري لميله للانشطار محدثا تفاعلا تسلسليا، يطلق الطاقة في صورة حرارية. وحينما تنشطر نواة ذرة من اليورانيوم-235 فإنها تطلق نيوترونين أو ثلاث نيوترونات. وحينما تتواجد إلى جانبها ذرات أخرى من اليورانيوم-235 تصتدم بها تلك النيوترونات مما يؤدي لانشطار الذرات الأخرى، وبالتالي تنطلق نيوترونات أخرى. ولا يحدث التفاعل النووي إلا إذا توافر ما يكفي من ذرات اليورانيوم-235 بما يسمح بأن تستمر هذه العملية كتفاعل متسلسل يتواصل من تلقاء نفسه. أو ما يعرف بـالكتلة الحرجة. غير أن كل ألف ذرة من اليورانيوم الطبيعي تضم سبع ذرات فقط من اليورانيوم-235 القادرة على الانقسام. بينما تكون الذرات الأخرى الـ993 من اليورانيوم الأكثر كثافة ورقمه الذري يورانيوم-238 فلا تتميز بخاصية الانقسام عند امتصاصها للنيوترون. ومفاعلات الماء الخفيف Light Water Reactors هي نوع من المفاعلات الإنشطارية النووية The Nuclear Fission Reactors التي تستعمل في الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا واليابان وفرنسا وألمانيا والصين وكندا وبلجيكا لتوليد القوي الكهربائية وتستخدم الماء العادي كوسيط في اتسخين الماء وتحويله إلى بخار عالي الضغط لتشغيل التوربينات لتوليد الكهرباء من المولدات. وهذا يتطلب تخصيب وقود اليورانيوم الخام Uranium Fuel Enrichment.
ويحتوي اليورانيوم الطبيعي على نسبة 0،7 % من يورانيوم-235 وهو نظير ينشطر، وأما 99،3% الباقية فهي يورانيوم-238 لا ينشطر. واليورانيوم الطبيعي يخصب بحيث يصبح به من 2,5 - 0و4 % يورانيوم-235 القابل للإنشطار فيكون صالحا للاستخدام في مفاعلات الماء الخفيف التي تعمل ب الولايات المتحدة الأمريكية وبلاد عديدة أخرى مثل اليابان وفرنسا وانجلترا وألمانيا وغيرهم، بينما مفاعلات الماء الثقيل The Heavy Waterالتي تعمل في كندا تستخدم اليورانيوم الطبيعي.
وفي حالة التخصيب يتطلب تزويد المفاعل النووي ب 30 طن من اليورانيوم المخصب إلى درجة 5و3 % لإمداد مفاعل واحد بالوقود النووي لمدة عام إذا كان يعمل بقدرة 1000 ميجاوات. وعملية تخصيب اليورانيوم Uranium Enrichment تتم بتخلل مادة هكسافلوريد اليورانيوم Uranium Hexaflourideالغازية وراء حاجز من مادة مسامية فتزيد نسبة اليورانيوم-235 في اليورانيوم من 7و0 % إلى نحو 5و3 %. وذلك لأن نفاذية اليورانيوم-235 في الحاجز المسامي تكون أعلى من نفاذية النظير يورانيوم-238 الأثقل منه، وبتكرار عملية النفاذية خلال حواجز متتالية مرات كثيرة ترتفع نسبة اليورانيوم-235 من 7و0% إلى 5و3 % ويصبح بذلك صالحا للاستخدام في المفاعلات النووية التي تعمل بالماء العادي، مثل مفاعل الماء المغلي.
كما يمكن فصل مادة اليورانيوم-235 الخفيفة نسبيا بطريقة أخرى عن يورانيوم-238 بواسطة آلات الطرد المركزي، وها ما تتبعه إيران في الوقت الحاضر. ووقود اليورانيوم اللازم للمفاعلات الإنشطارية لا يصنع قنبلة ذرية لأن القنبلة تحتاج تخصيب أكثر يصل إلى 90% يورانيوم-235 لكي يتم تفاعل متسلسل سريع وقت الانفجار.
واليورانيوم والبلوتونيوم المخصبان بنسبة مرتفعة جدا يستخدمان في صنع القنابل النووية. لأن اليورانيوم المرتفع الخصوبة به نسبة عالية من اليورانيوم-235 الغير مستقر والمركز صناعيا (المخصب). والبلوتونيوم Plutonium يصنع نتيجة معالجة وقود اليورانيوم في المفاعلات الذرية أثناء عملها حيث تقوم بعض ذرات اليورانيوم (حوالي 1% من كمية اليورانيوم) بامتصاص نيترون neutron لإنتاج عنصر جديد هو البلوتونيوم الذي يستخلص بطرق كيميائية. ولصنع التفجير النووي يدمج اليورانيوم أو البلوتونيوم المخصبان بطريقة معينة بمتفجرات تقليدية تعمل على تكون كتلة الحرجة. وهذا الدمج يعمل على تكثيف المادة النووية آنيا فينتج التفاعل المتسلسل وينتج الانفجار النووي المدمر.
ويمكن تخصيب اليورانيوم بعدة طرق. ففي برنامج تصنيع الأسلحة النووية بأمريكا يتبع طريقة الانتشار الغازي the Gaseous Diffusion Method أو النفاذية الغازية باستغلال النفاذية المختلفة لكل من يورانيوم-235 ويورانيوم-238 في المواد. يتم ذلك بتحويل اليورانيوم الطبيعي (نسبة يورانيوم-235 فيه 7و0 % فقط) إلي غاز هكسافلوريد اليورانيوم Uranium Hexafluoride ثم يضخ خلال حاجز مسامي يسمح لذرات يورانيوم-235 بالمرور خلاله بسرعة أكبر من سرعة نفاذية بقية ذرات اليورانيوم، وبتكرار هذه العملية في عدة دورات يرتفع تركيز اليورانيوم-235 إلى نحو 90 % فيصلح لصنع الأسلحة النووية، وهذا ما اتبعته الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية]] لصنع قنبل هيروشيما. إما الصين وفرنسا وبريطانيا والإتحاد السوفيتي فقد لجؤا إلي طريقة تخصيب اليورانيوم بطريقة الطرد المركزي لغاز هكسافلوريد اليورانيوم بسرعة عالية بدلا من طريقة الانتشار الغازي، وهذا ما تتبعته إيران حاليا لتخصيب اليورانيوم. وطبقا لهذه الطريقة يحول اليورانيوم الطبيعي إلى غاز هكسافلوريد اليورانيوم بالتسخين ثم يدخل في آلة طرد مركزي تدور بسرعة كبيرة. وبتاثير قوة الطرد المركزي تتجه ذرات اليورانيوم الأثقل يورانيوم-238 إلى حافة أسطوانة الطرد المركزي، بينما تبقى ذرات اليورانيوم-235 (الأخف) في وسط الأسطوانة، ويتركز اليورانيوم-235 في وسط الأسطوانة فيـُسحب ويُفصل. وتستخدم هذه الطريقة لتخصيب اليورانيوم أيضا في الهند وباكستان وإيران وكوريا الشمالية، وهي تختصر الطاقة المستخدمة للتخصيب عن طريقة النفاذية الغازية.
وهناك طريقة التدفق النفاث المتبعة في جنوب أفريقيا وطريقة الفصل للنظير بالكهرومغناطيسية التي كان العراق يتبعها قبل حرب الخليج عام 1991. ويمكن استعمال طريقة التخصيب بالليزر لفصل اليورانيوم بتحويل المعدن إلى بخار وبتسليط أشعة الليزر عليه فتثير ذرات اليورانيوم-235 والتي تتجمع وتتركز بالتأثير الإلكتروستاتيكي، وهذه التجربة تمت في كوريا الجنوبية عام 2000 سرا