من منا لم يخاصم في حياته حبيباً او صديقاً او قريباً. من منا لم يجرع في داخله كؤوس الالم وهو يتصرف بعكس ما في داخله اتجاه الاحباب ويصمت عنهم ويبتعد تحت سيطرة الخصام!
نتخاصم اي بمعنى اكثر شعبية نتزاعل لفترة قد تطول او تقصر حسب نفسية المتخاصمين وافضلهما الذي يبدأ بالسلام كما قال رسولنا الكريم. خصام الوالدين للابناء: تقول ام ثريا، لدي ثلاث بنات شابات كثيراً ما اختلفت معهن في الاراء ونتيجة لاحساسهن بالاعتداء وانهن كبرن وعليّ الا انصحهن. اجد نفسي عاجزة امامهن فلا املك الا الخصام معهن فلا ارد على اية واحدة التحية او الاجابة على اي سؤال، فأجدها تنفعل لدرجة البكاء وتأتي معاتبة ومعتذرة لنتصالح. بعد يوم او يومين تعود الواحدة منهن للطلبات واعود للرفض ونعود للخصام والمصالحة. لكن ام مصطفى تعقب بان لديها طفلاً وحيداً مدللاً، عليها ان تنفذ كل طلباته، حتى اذا ما رفضت له طلباً بداً بالصراخ والاحتجاج. واستمر حاله الى ان تعدى العاشرة من العمر فأخذت تخاصمه بعدم الرد على اسئلته او طلباته فيشعر بالندم ويعود لاحضان امه. خصام مختلف السيدة ام كوثر تعلق على الخصام بالم حين تقول قد يكون للخصام بعض الايجابيات احياناً، لكن في الغالب هو اكثر سلبية وانا شخصياً اعاني منه. ابنتي الكبرى تخاصمت مع شقيقها الاصغر وكان كل منهما اكثر عناداً من الاخر ولم يسمحا لي بالتدخل او لوالدهما في محاولة الصلح بينهما وانا كأم اتألم كثيراً حين تزوجت ابنتي ورفض شقيقها المشاركة او حضور فرحها او حتى التهنئة لها. وقد مضى اكثر من عامين على هذا الخصام الذي يؤلمني انا كأم لكن بلا فائدة. ابو حيدر يضحك من مسألة الخصام ويعزوها الى اسلوب التربية قائلاً: كنا عائلة كبيرة نسكن كلنا في بيت واحد اخواتنا سكنت معنا بعد زواجها، كنا نتشاجر او نتزاعل لكن الخصام لم يكن يعرف طريقه بيننا والحمد لله. خصام الزملاء في العمل: نتساءل هل يحق لزملاء المهنة الواحدة الخصام وما اسبابه ودواعيه وهل يستمر طويلاًَ: ليلى موظفة تجيب عن سؤالنا بقولها: علاقة الزمالة علاقة مختلفة تماماً عن علاقاتنا الاخرى وانا كامرأة اعمل بين مجموعة من الزملاء الرجال افضل ان يكون تعاملي معهم رسمياً وضمن اطار العمل فقط واذا حاول احدهم التجاوز في التعامل انبهه بدبلوماسية. لكن سعاد لها رأي آخر (موظفة بنك) قائلة: الزملاء في العمل هم كالاخوة تماماً نقضي معهم نصف النهار نتجاذب معهم اطراف الحديث سواء ما يخص العمل او في اطار المسألة العامة، قد نختلف او نتفق معهم احياناً نتخاصم معهم لتأديبهم ليس الا وامام ابتسامتنا المستنكرة تابعت سعاد ضاحكة: بصراحة الرجال من الزملاء قد يغريهم سلاسة التعامل فيصدرون امراً قد يزعجنا، وبالتالي نحن نخاصمهم حفاظاًَ على خط الرجعة بيننا وبينهم حتى يشعرون بخطئهم ثم نعود للتعامل معهم كأن شيئاً لم يكن. خصام الاهل والاقارب: كثيرة هي العائلات ذوات اواصر الدم التي تتخاصم فيما بينها لاسباب قد لاتبدو منطقية لكن الخصام يقع بينهم ولفترات ليست قصيرة. تقول ام زينب: بعد زواجي بسنة تقريباً تخاصم زوجي مع شقيقه بسبب شجار على مسألة مادية وانتهى الشجار بخصام، وها نحن على هذه الحال منذ اكثر من خمس سنوات، كل منهما يتهم الاخر ونحن النسوة لاحيلة لنا في ردم هوة الخصام بينهما. ساهرة والزواج وخصام الاشقاء: تضحك شهد كثيراً بصورة اثارت معالم الاستغراب لدينا قائلة: الغريب ان ديننا الاسلامي يحثنا على التسامح والحب والسلام ونحن لانتبع هذا لكنها الحقيقة، تشاجر ابي وعمي من اكثر من عشرين عاماً واستمر الخصام بينهما طوال هذه الفترة. حتى اذا ما كبرت انا والتحقت بالجامعة تعرفت على شاب يسبقني بعامين، وجمع بيننا الحب بعد شجار شهد عليه زملاؤنا لاكتشف ان من تشاجرت معه هو ابن عمي، تصالحنا وكبر حبنا، وحين قررنا الزواج كانت معارضة (الوالدين الاشقاء) لكننا حاربنا خصامهما بالحب ووقف الى جانبنا كل افراد العائلة وتم الصلح قبل الزواج بشهر ومن يومها لم نعرف للخصام بيننا. خصام الازواج يرى رشاد موظف ان الخصام مسألة مهمة وضروية في الحياة الزوجية وهو افضل بكثير من ضرب الزوجة يقول رشاد: حين تخطئ زوجتي بحقي، اصمت تماماً ولا اتعامل معها ولا ارد على اية كلمة او سؤال. اخاصمها تماماً لثلاثة ايام بلياليها ثم اعاتبها حتى لاتكرر خطأها مرة ثانية. الخصام مسألة ضرورية لتأديب الزوجة. للخصام في حياة الزوجة اكثر من معنى فبعضهن تراه نوعاً من العتاب الصامت، وبعضهن تراه نوعاً من العقاب اتجاه الرجل: تقول وسن: اشعر بالوحدة والكآبة في ظل وضع مترد في حياتنا المعاصرة اعمل طوال اليوم في تنظيف البيت والطبخ في ظل هذه الحرارة القاتلة والكهرباء التي لانراها الا قليلاً فضلاً عن الظروف الاقتصادية التي مازالت صعبة اضافة الى ملاحقة ثلاثة اطفال دائمي الشكوى والصراخ ورغم ذلك اعمل على تهيئة البيت وهدوئه وقت رجوع زوجي أفاجأ بتصرفاته العصبية التي لامبرر لها فأغضب واخاصمه، واجد نفسي في تلك الليلة اتركه وحيداً وانام في غرفة اطفالي فيكتم غضبه ليصالحني في الصباح. ضد الخصام: ام هالة تعقب بقولها ارى ان الحياة كلها تخاصم نحن العراقيون، الكهرباء والماء والامان والرفقة الحلوة والسهر وحتى برامج التلفزيون كل حياتنا خصام في خصام لم يبق لنا سوى ان نستمر في الحب من اجل ان تستمر الحياة انا شخصياً ضد الخصام بكل اشكاله وانواعه، ولا اذكر انني مارسته مع زوجي او ابنائي. فيكفي ما نعانيه من احباط في حياتنا ولا نحتاج للخصـام ليزيد احباطاتنا
