كثير منا يجيد فن الكلام جميله وقبيحه وكثير منا كذلك يتقن فن الصراخ فرحاً أو غضباً أو حتى قهراً بل تعدى الامر بأن نتبارى من الأعلى صوتاً والأشد صراخاً وان بكلمات مكتوبة
تعلمنا ان المجاهر بمشاعره هو الأصدق تعبيراً عن ما يخالج نفسه
إعتاد الناس الحديث .. وكرهو عدمه بل تراهم يتمحورون حول أصحاب الحكايات والأخبار فتخال بعض المجالس كالغوغاء من كثرة الأصوات التي تتقاطع فيها.. برغم اننا لا نجزم بصحة جميع ما يقال
ولكــــــن ..
كم منا متمرس في فن الصمت متمكن من إستخدام أدواته
ذلك السلاح ذو القوة الضاربة والمؤثرة والساحر الذي يؤثر في عدوك قبل الصديق
كم منا جرب الصمت في مواقف يكثر الناس الحديث فيها ..
فنأخذ من الوقت ما يكفينا لنفكر في كل كلمة نتفوه بها نحسب حسابها .. خير من أن نطلقها .. ثم نسابق الريح لنمسك بها قبل أن تصل المتلقي وهو أمر محال فقيل ان الكلمة كالطير .. ان اطلقتها فلن تستطيع إعادتها
يجعلنا هذا الساحر العجيب .. متمكنين من المقابل في الاستماع اليه واستيعاب ما يقوله والتركيز بحكمة وعقلانية على جواب صغير .. يحمل في طياته رأياً متزناً خالياً من الحشو أو الخطأ وربما لن نحتاج حتى لهذا الرد فالصمت أحياناً .. كلمات معبرة .. وافية .. وان كانت غير منطوقة
هناك أحرف كثيرة في لغة الصمت تسعد الصديق .. كالابتسامة وإيمائة الرضى وتكيد العدو وتجعله متحيراً وربما تجبره على الفرار من حلبة الفرسان التي لن يقاوينا فيها أو يضعف أما جدار لصمت فيبوح بكل ما داخله .. من خير وشر
هنا سننتصر .. دون عناء الحديث مع أناس لن يفهموا الحديث همساً وهدوءاً
هل جربنا الارتقاء فوق الخلافات الشخصية والزوجية .. الصغيرة والتافهة باللجوء الى الصمت .. فقلوب المحبين لن تحمل الحقد طويلاً ولن ترحّل الخلافات .. ان لم تشعلها نيران النقاشات الحادة والعقيمة والتي تشبه الى حد كبير حديث الطرشان
الصمت سلاح مغمود .. لا نلجأ اليه برغم قدمه .. الا انه لا يزال براقاً .. مؤثراً .. يضيف لمن يتقن استخدامه لقب فارس
الصمت سلاح مغمود .. لا نلجأ اليه برغم انه من وصايا نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم عن أنس قال : لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر فقال : يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر ، وأقل ( في الميزان ) من غيرهما ؟ قال : بلى يا رسول الله ،{ قال عليك بحسن الخلق ، وطول الصمت ، فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلهما } . حسن
همســـــــــة
ربما صمت واحد .. لا يخدمنا لا يضيف الينا جديد بل يسلبنا احترام انفسنا قبل احترام المحيطين بنا هو الصمت دون قول الحق والدفاع عنه في حضرة من يحيدون عن دربه هنا فقط .. يكون الصمت .. شيطان أخرس