كثيراً ما اقتحمنا حرف . . ألح في تلمسنا وحاصرنا بالألفة وإذا حاولنا الهرب وجدناه يفتح معنا حواراً برسوخه في الذاكرة .
وكثيراً
ما تفكرتُ في هذه العلاقة المتمازجة المتماسكة التي تتحكم في الحروف ،
وتتحكم بالتالي كقانون بالنسبة للقارىء يحتكم أساساً إلى ذوقه الفكري
وراحته النفسية . .
لكن الحرف الصادق يصل . . أياً كانت الظروف
والملابسات يصل . . يفتح القلب على مصراعيه ويظل أبد الدهر بوحاً إنسانياً
ممتداً . . يتواصل فينا كعشق نبحث عن رائحته بذواتنا ونخلّده كالبراءة
بأحداق الأطفال المغسولين بفرحة الغد .
ولأننا لا نختار الكتابة . .
لا نختار لحظة اشتعال حروفنا وعباراتنا . .
ولأننا
محاصرون بالقلق . . بدمع لا نملك أن نذرفه . . بحزن يأتي عميقاً بلا ميعاد
، يكسر أبواب وجودنا ويفترش أفئدتنا كلحظة غربة حبلى بالصدق . .
وبالرغــــم .. ..
من لعبة الحياة الكبرى التي تنضح بالكذب والخيانة والتجارة . .
ومن هذه البشاعة اليومية التي تبدأنا بها الإذاعات والصحف ويجسدها من حولنا أشباه البشر . .
إلا أننا لن يصيب اليأس قلوبنا ، ولن ينال منا الحزن . .
هاجساً كان الحرف أو ملاذاً . . جمراً أو دفئاً . .مرسىً أو سفراً . .
فلا زال ضمير الحرف وطن يحتضن فقط الصادقين والقادرين بإصرار وقوة على العطاء .