الغيرة شعور مثله مثل كثير من المشاعر والأحاسيس ..
ولكنه شعور مؤلم إذا تعدى حده وزاد عنه ..
كثيراً ما نرى المشاكل تنشأ بين الزوجين
بسبب الغيرة الزائدة وقد تطغي هذه الغيرة أحيانا وتصل إلى حد
الشك والظن وربما ينتهي الحب بين الزوجين
بسبب هذا الشك إذ أنها قد تولد انعدام الثقة بينهم..
الشك بين الزوجين :
سلوك يتميز بنقص الثقة بين الزوجين ، وظَنِّ أحدهما بأن الآخر قد فتر حبه له ، أو ارتبط بغيره.
والشك الزوجي يتولد حين تكون هناك علامات ومظاهر تدل على أن شيئاً ما قد حدث أو تغير في الاتجاه السيء ، ويدعوك إلى البحث عن الحقيقة للوصول إلى قرار .
وقد يبنى على وقائع ، وقد يكون مرضاً حين تكون العلامات والمظاهر المثيرة للشك ما هي إلا ضلالات صادرة عن عقل مريض . والشك هو الأساس الغيرة المرضية .
المظاهر :
• كثرة الأسئلة التحقيقية في كل خروج ودخول ( أين ومتى وكيف ولماذا . . ؟؟)
• كثرة الاتصال لغير مبرر إلاّ التأكّد من مكان الآخر .
• كثرة التنقيب والتفتيش في الأغراض الخاصة : ( جهاز الجوال - أدراج المكتب - الحقائب الخاصة - جهاز الحاسوب . . ) فالزوج يستغل أي فرصة للتفتيش والزوجة تستغل أي غفلة من زوجها للتفتيش والتنقيب .
• النظر المرتاب بين الزوجين في حالة ارتيادهما لأماكن التجمّعات العامة كالأسواق والمتنزهات ، فتجد الزوج ينظر إلى زوجته بنظر الريبة ، وهي تنظر إليه وكأنها تقرأ في وجهه نظرات خائنة !!
• استخدام الجواسيس للمراقبة .. والمؤسف استخدام الأطفال والأبناء وسيلة للتجسس الوالد أو الوالدة ، مما يؤثر سلباً على نفسية الطفل وسلوكه مستقبلاً .
• استخدام عامل المفاجأة ؛ فالزوجة تفاجئ زوجها حين يخلو بنفسه مع الانترنت - مثلاً - وهو يفاجئها في الدخول إلى البيت بخطوات رتيبة !!
• قطع وسائل الاتصال عن الزوجة في بيتها ( كقطع الهاتف عنها أو عمل جهاز مراقبة لتسجيل المكالمات ) أو نحو ذلك .
أسباب الشك بين الزوجين :
ثمة كثير من العوامل يمكن أن تكون سبباً لحدوث الشك بين الزوجين ، ويمكن أن تنقسم إلى أسباب نفسية ذاتية ، وأسباب خارجية اجتماعية ،
وهذه الأسباب شاملة للزوجين ، فقد تكون لدى الرجل الشاك ، أو المرأة الشاكة (وإن كانت لغة الكتابة تعبر بالذكر مرة ، وبالأنثى أخرى)
الأسباب النفسية الذاتية :
وهي أسباب تتعلق بعوامل داخلية مرتبطة بشخصية الإنسان ، ومنها :
الشخصية الشاعرة بالنقص : أساس الشك وحجر زاويته هو الشعور بالنقص ، ومظاهر الشخصية الشاعرة بالنقص في العلاقة العاطفية :
• لوم الذات جذر الشعور بالنقص.
• تلوم نفسها لأنها لم تحصل على الحب الكافي ، ثم تلوم نفسها لأنها لا تستحق الحب وليست جديرة بالاهتمام.
• تقييمها لنفسها سلبي في الأصل ، ويعتمد على مدى حب وقبول الناس لها ، فهي سيئة إذا رفضها الناس ، وحسنة إذا أقبلوا عليها .
• أكثر ما يفزعها أن يهجرها الناس .
• لعل جذور مشكلتها تعود إلى النبذ أو الإهمال في الطفولة ، حين افتقدت الحب غير المشروط من الأب أو الأم ، وكان عليها أن تبذل جهداً إضافياً لتحصل على بعض الحب .
• أصبح لديها حساسية لنبرات الصوت وتعبيرات الوجه الدالة على الرفض أو عدم الاهتمام .
• هذه الحساسية ترقى إلى الشك في أنها لا تحظى بالحب والاهتمام ، وهي تحتاج دائماً إلى من يؤكد حبه ويدعم اهتمامه .
• لذا : من يحبها يجب أن يظل بجوارها كل الوقت وأن يقدم الدليل في كل وقت على حبه واهتمامه ، وان يخضع لسيطرتها الكاملة ، وأن لا يعطي أي اهتمام لكائن سواها .
حب السيطرة :
نقطة الارتكاز الثانية في الشك : حب السيطرة ، ومظاهر الشخصية المحبة للسيطرة :
• " الحب " عندها يعني " التملك " ، وكلما نقصت مظاهر تملكها للمحبوب شعرت بنقصان الحب .
• يلح عليها مقولة : إذا امتلكتك فأنا أستطيع السيطرة عليك ، وإذا سيطرت عليك فإنك لن تستطيع أن تعطي حبك واهتمامك لأحد غيري .
الأنانية :
• قدر من الأنانية مطلوب لكل إنسان ، غير أن المتشكك :
• يريد كل شيء لنفسه متجاهلاً رغبات واحتياجات الآخرين .
• عقليته عقلية الطفل الذي لم يتعلم المشاركة ، ولم يعتد على أن يدفع مقابل ما يأخذه .
• إذا لم يمنح ما يريد بالمقدار الذي يريد اتهم الطرف الآخر بإهماله وانفجر فيه غاضباً
• أحياناً تتجاوز المرأة الأنانية إلى تألمها من أن ينشغل تفكير زوجها أو حبيبها بأي موضوع لا تكون هي محوره .
الخوف :
• شعور المتشكك بالتهديد يثير فيه مشاعر الخوف .
• تخاف المتشككة والمتشكك مما لا يخاف منه غيرهما : من أي امرأة أخرى (أو رجل آخر بالنسبة للذكر) ، من شهرته (أو شهرتها) ، من ثرائه ، من نجاحه ..
• كل شيء يحمل تهديداً لها .
الشعور بالاضطهاد :
• وهو من ملامح الشخصية البارانوية ، والتي لديها حساسية زائدة ، فتجسم الأمور وتبالغ فيها ، وتحمل الأشياء ما لا تحتمله .
• تتصور أن مشاعر الناس تجاهها عدائية ، وتتوقع منهم الإيذاء والضرر .
• لا تثق بأحد ، بل تسيء الظن بأقرب الصديقات (أو الأصدقاء) .
• تتسم علاقتها بحبيبها بعدم الثقة ، فأي كلمة أو إشارة أو سلوك يصدر عنه لا يحمل إلا معنى : أنه لم يعد يحبها ، أو أنه يحب سواها .
• تظن أنها دائماً محاطة بالمؤامرات والترتيبات الخادعة .
• يمكن أن تلح عليها واحدة من الوساوس الثلاثة :
o تشك في امرأة معينة وتظن أن بينها وبين زوجها مشاعر متبادلة .
o الشك في قدرتها على منافسة أي امرأة تبدي اهتماماً بزوجها .
o الشك من فقدان الزوج في أي وقت .
هزيمة الذات :
• تكون المرأة ذكية وناجحة في كثير من الأشياء ، ولكن حين يتطرق الأمر إلى من تحب يتميز سلوكها برغبتها في إيذاء نفسها ، وترتكب كثيراً من الحماقات لكي تجرحه حتى ولو كسرت راسها هي !!
• ربما تكون قد تعلمت في طفولتها أن تكره نفسها حين تعرضت للنبذ والهجر والحرمان ، وقد صور لها عقلها الباطن المعادلة على النحو التالي:
o لقد ابتعدوا عني لأنهم لا يحبونني .
o إذن : لابد أن أكره نفسي لأنها غير جديرة بالحب .
o إذن لابد أن أعاقب نفسي .
عدم تحمل المسئولية :
• لا تتحمل مسئولية شكها وإنما تلقي اللوم على زوجها أو الآخرين الذين ساهموا في تعاستها.
• ترفض أية مسئولية لها عن معاناتها .
اضطرابات الشخصية وعلاقتها بالشك الزواجي :
اضطرابات الشخصية ذات أثر بالغ في إحداث الشك بين الزوجين ثم تغذيته وزيادته ، فمثلاً :
• الشخصية النرجسية التي تريد من الطرف الآخر أن يتابعها على ما تريد وإلا فهو كاره لي ، أو بعيد عني .
• الشخصية البارانوية المتشككة فيمن حولها .
• الشخصية الوسواسية التي تلح عليها أفكار غير عقلانية متعلقة بالزوج أو الزوجة.
• الشخصية الهستيرية يمكن أن تنشئ لدى الطرف الآخر شعور الغيرة ، لأن الشخصية الهستيرية تريد أن ترى نفسها في عيون الآخرين ، فيفسر الطرف الآخر ذلك باعتباره بعداً عنه وخيانة له ، وخصوصاً في ظل المجتمعات المختلطة.
ضعف الوازع الديني :
للدين قيمه الخاصة وآلياته في التعامل مع الشك ، فهو لا يقبله من الأصل ، ويرى أن : الظن أكذب الحديث ، و " اجتنبوا كثيراً من الظن ، إن بعض الظن إثم " ، فإذا تصاعد الظن وأردت أن تتأكد منه لم يبح لك الدين أن تتجسس أو تغتاب من شككت به ، وهو يأمرك أن تتوقف عند كل خبر وتتهم من جاءك به حملاً على البراءة الأصلية لكل إنسان.
كما أن للغيرة حدوداً ، قال صلى الله عليه وسلم : " إن من الغيرة غيرة ببغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل علي أهله من غير ريبة " ،
وفي حديث أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: « إِنَّ الأمِيرَ إِذَا ابْتَغَى الرِّيبَةَ في النَّاسِ أَفْسَدَهُمْ». وفي حديث آخر " وَإنَّ مَنْ خَالَطَ الرِّيبَةَ يُوشِكُ أَنْ يَجْسُرَ " !!
وثبت في النص قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا قدم أحدكم ليلاً فلا يأتين أهله طروقاً حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة "
وفي الرواية الأخرى: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أطال الرجل الغيبة أن يأتي أهله طروقاً " وفي الرواية
الأخرى: " نهى أن يطرق أهله ليلاً يتخونهم أو يطلب عثراتهم " .
قال النووي رحمه الله : وفي هذا الحديث استعمال مكارم الأخلاق و الشفقة على
المسلمين والاحتراز من تتبع العورات واجتلاب ما يقتضي دوام الصحبة .
وإذا ضعف وازع الدين أو تشوهت أفكاره في عقل الفرد أساء من حيث يظن أنه أحسن ، وظن أن من الحكمة اتهام البرئ والأخذ بالظن .
الأسباب الخارجية :
النموذج الأسري : حين ينشأ الطفل في أسرة يشيع الشك بين أفرادها ، ويقل التواصل والتراحم فيها يتعلم من خلال رؤيته لهذه النماذج أن سلوك الشك سلوك صحيح ،
بل ويصل الأمر أحياناً إلى اعتبار أنه هو السلوك الأصح الذي ينبغي اتباعه ، ويعزز ذلك بعض الأمثلة الشعبية " سوء الظن من إحدى الفطن " .
التعزيز :
حين يشك الطفل في الآخرين ثم يجد لشكه هذا نتائج إيجابية ( حصول ما يريد ، أو تجنب ما يكره ) يميل إلى تكرار سلوك الشك ، حتى يصبح سجيةً له.
القيم الخاطئة في بعض المجتمعات الخاصة :
يشيع في بعض المهن اعتبار التشكك مقوماً من مقومات النجاح والتفوق ، وكثير من المهن التجارية تعزز ذلك ( لا تثق فيمن تشتري منه .. ولا من تبيع له ، وحاول أن تخدع الاثنين لانك إن لم تخدعهما خدعاك !! ) .
السلوكيات المعززة للشك لدى الطرف الآخر :
كتعرضه لمواطن الريبة بمشاهدة القنوات أو المواقع الإباحية ، أو تساهله في الاختلاط أو تكتمه على كثير من أخباره في غيابه عن زوجته .. إلخ .
صور الخيانة في الإعلام :
كثير من الأفلام والمسلسلات تبني حبكتها الفنية على الخيانة الزوجية ، وكثرة تعرض المرأة أو الرجل لهذه المشاهد يشعره بشيوعها في المجتمع ، ويبدا الأمر معه بخشيته على أهله .. ثم ينتهي به إلى تشككه في أهله .
التجارب العاطفية السابقة :
ربما مر الرجل أو المرأة بتجارب عاطفية سابقة ، فأسقط تجربته تلك على زوجته ، مما يجعله دائم التشكك .