الحب هو أمتع وأرق المشاعر التي تصيب الإنسان، وأنه أكثر التجارب التي تؤثر
في نفسه تأثيراً عذباً لا يبرحها مدى الحياة، حتى وإن كان مؤلماً فهو
الألم اللذيذ على حد قول الكثيرين ممن وصفوه.
ولأن العقل مصدر الحب
والمحرك الأساسي للعواطف والأحاسيس التي يشعر بها المرء تجاه إنسان آخر،
أظهرت دراسة جديدة أن الانفصال عن الحبيب يشغّل مناطق محددة في الدماغ
مسئولة عن الإدمان.
وذكر موقع "لايف ساينس" أن دراسة جديدة نشرت في
دورية "فيزيولوجية الأعصاب" فحصت أدمغة 15 شخصاً انفصلوا قبل شهرين على
الأقل عن شركائهم بعد سنتين على الأقل على العلاقة، وما زالوا يكنون
المشاعر لهم.
وقد شاهد المشاركون في الدراسة صورة للحبيب وصورة لشخص
عادي يعرفونه قد يكون زميلاً في الصف أو صديق لصديق، وقد حلّوا مسألة
رياضية بين الوقت الذي شاهدوا فيه صورة الحبيب الذي نبذهم والصورة
الحيادية.
وأظهر اختبار الدماغ تشغيل منطقة في الدماغ مسئولة عن
التحفيز والمكافأة عند رؤية صورة الحبيب، كما شغّلت الصورة مناطق مرتبطة
بالإدمان على الكوكايين والسجائر، بالإضافة إلى منطقة مسئولة عن الألم
الجسدي والحزن.
وقد تفسّر هذه الدراسة الأسباب التي قد تدفع الأشخاص
إلى ارتكاب أعمال متطرفة باسم الحب، مثل تعقّب الحبيب أو حتى القتل.
ومن
جانبها، أكدت الباحثة هيلين فيشر الباحثة في البيولوجية البشرية في جامعة
روتجرز في نيوجرسي "الحب الرومانسي هو إدمان، إنه إدمان قوي ومذهل حين تسير
الأمور بشكل جيد وإدمان رهيب حين تسير الأمور بشكل سيئ".
وأشار
العلماء إلى أن تكون لردة فعل الدماغ خلفية في عملية التطور البشري، وقالت
فيشر إنها ربما تكون قد تطورت خلال ملايين السنوات "لتمكين أجدادنا من
تركيز طاقتهم على التزاوج مع شخص واحد في الآن" وأضافت "وحين يتم نبذك في
الحب، تكون قد خسرت أعظم هدية في الحياة، وهى شريك للتزاوج".
وتبدأ
ردة فعل الدماغ لاسترجاع هذا الشخص "لذا تركز عليه وتشتهيه وتسعى
لاسترجاعه". غير أن العلماء طمأنوا أن الوقت كفيل بالشفاء من هذا الإدمان،
فكلما مرّ وقت على انتهاء العلاقة قلّ عمل هذه المناطق في الدماغ.
كما
أن المناطق الدماغية المسئولة عن التحكم بالعواطف وإتخاذ القرارات
والتقييم عملت عند رؤية الحبيب في الاختبار ما يؤشر إلى أن المشاركين كانوا
يتعلمون من خبراتهم الرومانسية الماضية.
وأشار الباحثون إلى أن
التكلم عن المشكلة مع الآخرين بدل الاستسلام لليأس والاكتئاب يخفف من
وطأتها.
حب النظرة الأولي حقيقة أم وهم ؟!
يقول
خبراء علم النفس إن الحب من أول نظرة يشكل إحساساً سريعاً لدى الفتاة
بالانجذاب نحو شخص لم يسبق لها لقاؤه، وتعتقد الفتاة الصغيرة إنها عثرت على
فتى الأحلام الذي طالما كانت تتمنى أن تلتقي به، ولكن الواقع عادةً ما
يختلف عن القصص الخيالية والأفلام السينمائية، إذ أنه ليس من الضروري أن
يبادلها الفتى نفس الإعجاب.
ويشير الكاتب الأمريكي أريك جودمان بعد
إجراء بحدث ميداني على مجموعة كبيرة من الشباب من الجنسين في المدارس
الثانوية وبداية المرحلة الجامعية في نيويورك إلى أن الانطباع القوي الناجم
عن اللقاء الأول بين الفتاة والشاب والذي يطلق عليه الكثيرون اسم الحب من
أول نظرة، يكون خداعاً في أغلب الأحوال.
فقد يكون هذا الإحساس
ناجماً عن ولع أحدهما بفكرة الحب نفسها أو لأن أحدهما حاول تجسيد صورة أو
صفات المحبوب الموجودة في الخيال عند الآخر، ثم يتكشف له في المستقبل أن
الخيال مخالف للواقع كما أن الإعجاب القائم على الشكل الخارجي وليس الجوهر
الداخلي سرعان ما يتلاشى.
وعندما يكتشف المحب أن الواقع اختلف عن
الخيال، وأن الحب من أول نظرة لم يسفر عن عاطفة مثمرة وأن المحبوب ليس
الفتى أو فتاة الأحلام أو ذلك الملاك المرسوم في الخيال يعتريه إحساس
بالإحباط والحزن والغضب ويشعر بأنه المسئول الأول عن خداع نفسه.
فالحب
الحقيقي- بحسب خبراء علم النفس- لا يرتكز على النظرة الأولى للمحبوب وإنما
يكون بالاقتناع الكامل بجوانب شخصية الشريك الآخر وطريقة تفكيره والعواطف
المتبادلة، وأن تشعر الفتاة بأن الحب يغمرها وأنها وجدت شخصاً يشاركها
أفكارها وأحاسيسها ويتعاطف معها ويهتم بها، وتشعر وهي بصحبته بالسعادة
والراحة والطمأنينة فيكون لديها استعداد أن تقدم له قلبها دون أن تشعر
بأنها تقدم أي تضحية.
شهادة علمية بوفاة الحب
ومن روما بلد أشهر المحبين في تاريخ البشرية "روميو وجولييت" صدرت شهادة
علمية بوفاة الحب، والرومانسية، وهي ليست عن عاشق مجروح، ولكن جاءت على
لسان أحد الدراسات العلمية التي أثبتت أن العمر الافتراضي للحب لا يزيد عن
عام واحد فقط من اشتعال جذوته، مما ينفي هرشة السنة السابعة التي يعتقد أن
شعلة الحب تنطفئ عندها.
وأثبتت الدراسة العلمية الإيطالية أن الحب
الرومانسي لا يدوم لأكثر من عام واحد بقليل، ثم يتلاشى، وتخفت جذوته ويتحول
إلى ذكريات.
والتفسير العلمي لهذه النتائج - وفق باحثين بجامعة
بافيا - تشير إلى أن كيمياء المخ قد تكون مسؤولة عن شرارة الحب الأولى،
وارتفاع معدلات بروتين معين، يطلق عليه "نيروتروفينز"، له علاقة بمشاعر
النشوة.
واستندت هذه الدراسة إلى اختبارات أجريت على مجموعة من
الناس في علاقات قصيرة وطويلة أو بدون علاقة، ووُجد من خلالها أن معدل هذا
البروتين يتباين.
ووجدت الدراسة ان معدل البروتين كان مرتفعا لدى
بدء العلاقة، في حين تراجع إلى المعدل الطبيعي بعد مرور عام عليها.
وقال
الباحث برجلويجي بوليتي "إن ذلك لا يعني اختفاء الحب، وإنما يعني فقط ان
جذوة الحب لم تعد متقدة، فالحب بات أكثر استقرارا، يبدو أن الحب الرومانسي
انتهى".
وأضاف قائلا " من هذه الدراسة يتبين أن كيمياء المخ التي
تلعب دورا في تغير المزاج تتغير ما بين بداية العلاقة وأخذها منحى أكثر
استقرارا".
وقال الدكتور لانس وركمان أستاذ الطب النفسي "إن الحب
الرومانسي يخفت بعد سنوات قليلة ويتحول إلى عشرة، ولاشك أن عوامل بيولوجية
معينة تلعب دورا في ذلك".