بسم الله الرحمان الرحيم
من بين ما ابدعت الكاتبة المتميزة احلام مستغانمي
ما عَاد تعريف الحب اليوم ( اثنان ينظران في الاتجاه نفسه ) بل اثنان ينظران إلى الجهاز نفسه !
و لا صارت فرحتنا في أن نلتقي بمن نُحب ، بل في تَلقي رسالة هاتفية منه !
ماتت الأحاسيس العاطفية الكبيرة .. بسبب تلك ( الأفراح التكنولوجية ) الصغيرة التي تأتي و تختفي بزر !
منذ سلمنا مصيرنا العاطفي للآلآت !
انتهي زمن الانتظار الجميل لساعي البريد !
صندوق البريد الذي نحتفظ بمفتاحهِ سرًا وَ نسابق الأهل لفتحه !
الرسائل التي نحفظها عن ظهر قلب و نخفيها لسنوات .. الأعذار التي نجدها لحبيب تأخرت رسالته أو لم يكتب لنا !
اليوم ندري أنّ رسالته لم تته و لا هي تأخرت ..
صار بإمكان المحب أن يحسب بالدقائق وقت الصمت المهين بين رسالة و الرد عليها
طبعا هو امر لا يختلف بشانه اثنان اننا عبيد للتكنولوجيا بالاخص جيلنا فنحن لا نعرف الا لغة الهواتف و الماسنجر
ما دفعني لتمني عودتي الى زمن الانتظار الجميل لساعي البريد كما تقول احلام اليوم في عملية ترتيب للمنزل شقيقاتي الاكبر مني فتحن محافظ و صناديق و اغراض قديمة فتفاجئت بالعدد الهائل من الرسائل التي يحتفظن بها( هذه من صديقة تهنئها بالسنة الجديدة و هذه الرسالة بمناسبة عيد الفطر و هذه من زميل معجب ...الى)و الجميل في الرسائل عليها صور جميلة و منها ما يصدر منه موسيقى
اضف الى ذلك اوراق عليها العلامات المدرسية و صور و دفاتر ...حتى بدون مبالغة الغبار الذي كان يغطي الاغراض كان يزيدها رونقا
و اخذت كل واحدة منهن اغراضها لتريها لابنائها فقارنت نفسي بهن
-الرسائل تصلني على الهاتف و فور ما يمتلا صندوق الواردات احذفها
-لا احتفظ باي اوراق او دفاتر من ايام الابتدائي و الاكمالي لااني بكل بساطة العلامات كانت لم احصل يوما على شهادات تهنئة او ام--كلمة محجوبة-- لاعرضها على اولادي و اقول تعلموا مني
اتمنى الاجابة على اسئلتي لارضاءفضوليض
-من منكم عاش فترة تبادل الرسائل المكتوبة و سابق الاهل لفتح صندوق البريد؟
-من يتمنى ان يجرب عيش هذه الفترة؟
-متى وصلتك اخر رسالة مكتوبة على ورق؟
-من الشخص الذي تتمنى ان ترسل له رسالة من هذا النوع او تصلك رسالة منه ؟
-هل تحتفظ بدفاتر مدرسية او اوراق كشف النقاط اي ما يربطك بطفولتك و مراهقتك ؟
-هل تحب ان يكون لابنائك نصيب من مشاركتك ذكرياتك الملموسة (اي ما تحتفظ به من اغراض قديمة)؟
وعلى هامش الموضوع هل حقا نحن جيل غير محظوظ و زمننا لا يتسم باي جمال رغم التكنولوجيا و التطور
فحتى الصور عندما نرى صور ابائنا نضحك كيف كانو يلبسون او طريفتهم في تسريحة الشعر و غيرها من الامور بينما نحن اليوم حتى عندما نلتقط صورة نقوم بتعديلات عليها في الكمبيوتر كتغيير لون العينين او الشعر او اضافة تفاصيل اخرى كاضافة منظر طبيعي بدل المكان الاصلي الذي التقطت فيه الصورة فحتى عندما نحتفظ بذكرى يكون فيها تزييف
فاي ذكريات لنا نستطيع ان نخبئها في صندوق و نغلقها بمفتاح و نريها لصغارنا