الحمد الله رب العالمين الحمد الله الذى جعل ابراهيم خليله وحبيبه الحمد الله الذى جعل موسى كليمه الحمد الله الذى جعل عيسى روحه وكلمته الحمد الله الذى جعل محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم رسله وجعله بشيرا ونذيرا إلى الناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النورالحمد الله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى الحمد الله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله
وبعد
قال تعالى ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَاليوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21) قل هذا سبيلى فاتبعونى ......
يعيش عليه الصلاة والسلام معنا دائما وأبدا في مشاعرنا وآمالنا وطموحاتنا.
· يعيش معنا ونحن نراه دائما قدوة و أسوة و إماما و معلما، وأبا ومرشدا وقائدا وأستاذا.
· يعيش معنا وقد أحببناه، فعاش في ضميرنا عظيما، و في قلوبنا رحيما، و في أبصارنا إماما، و في آذاننا مبشرا ونذيرا
يكرر القرآن الكريم ذكر هذا الرجل العظيم عليه الصلاة والسلام، الرجل لكن لا كالرجال، يحمل هموم الرجال كل الرجال، الإنسان لكن لا كالناس، يجمع مناقب الناس جميعا. يتحدث عنه القرآن الكريم فإذا هو الخلوق القريب: ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (القلم:4) و يتحدث عن لينه و سهولته ويسره: )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)
(آل عمران: من الآية159)
[center]انه الإمام الذي على الأمة كل الأمة أن تذعن لإمامته . إماما في الصلاة، و إماما في الحياة ، وإماما في التربية، و إماما في الاقتصاد ، و إماما في الحرب، ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَاليوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)
· يا أمة الإسلام، يا اخوة العقيدة، يا أبناء الرسالة الخالدة، هل يحق لنا عقلا أو شرعا أن نبحث عن غيره، أو أن نتلمس سواه؟ لا.. حرام أن نجعل غيره إماما يقود المسيرة إلي الله، لانه الرجل الذي ختم الله به النبوة في الأرض.
هذا الرسول عليه الصلاة والسلام يعيش لحظات الحياة ودقائق الزمن ، و ثواني الدهر بما يجب أن تعاش.
في الصلاة خاشع، قانت، أبواه منيب: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الإسراء:79) .
وفي الجهاد رجل شجاع، ومقدام صنديد، وبطل بارز.
وقفت وما في الموت شك لواقف
كأنك في جفن الردي وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمي هزيمة
ووجهك وضاح وثغرك باسم
(فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ) (النساء: من الآية84).
وعند الإنفاق هو المنفق الباذل السخي الكريم، كما قال بن عباس في الصحيحين : ( كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أجود الناس، و كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن ، فلرسول الله صلي الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) .
وفي الفقر صبور متماسك محتسب، و في الرقة والرحمة صاحب الدمعة الحانية والشفقة البالغة.
انه الداعية الذي يدعو إلي الله بصيرة، انه الرسول الذي أتي إلي الأمة الضعيفة المسلوبة المنهوبة المظلومة فرفع رأسها بين الرؤوس ، وبني منبرها بين المناب ، بل اعلي منارتها على كل المنارات .
أتي عليه الصلاة والسلام إلي أمة ترعي ابلها وبقرها و غنمها في الصحراء القاحلة ، صحراء الجوع والظمأ واليأس، فأخرجها ب ( لا اله إلا الله ) إلي ضفاف دجلة والفرات، وبساتين الشام ومصر ،و حدائق الأندلس ، وملاعب الهند والسند، فكبرت هناك، وصلت هناك:
من ذا الذي رفع السيوف
ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالا في الجبال وربما
صرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان آذاننا
قبل الكتائب يفتح الأمصار
كنا نري الأصنام من ذهب فنهـ
ـــدمها و نهدم فوقها الكفارا
واخرج عليه الصلاة والسلام الأمة من القتل و النهب، و الفتنة والسلب إلي الوئام ، والإخاء؟، و الصفاء والحب، (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران:103) .
( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه و لا يخذله ولا يحقره) هذا شعار محمد عليه الصلاة والسلام.
كنا أمة تأكل الميتة، وتشرب الخمر، وتزني ، و تطوف بالصنم، وتعبد الوثن، فاخرجها عليه الصلاة والسلام وجعلها بـ ( لا اله إلا الله) تخطب في الحرمين والأزهر ،و الزيتونة، وقرطبة، و الأموي، وتصلي في جامع صنعاء وكابل والهند والسند .
و هدمت دين الشرك يا علم الهدي
و رفعت دينك فاستقام هناكا
نحن اليوم يا شباب الرسالة ، يا أهل البصيرة، نعيش اكثر من خمسة عشر قرنا مع محمد عليه الصلاة والسلام ، ما زلنا نعيش معه لم يغب عنا أبدا. نعيش معه في الصلاة فيقول: ( صلوا كما رأيتموني اصلي) و نحج فيقول : ( خذوا عني مناسككم) فإذا هو معنا دائما و أبدا حتى في دقائق الحياة: تقليم الأظافر، إعفاء اللحية، قص الشارب ، في الطيب، في السواك، في تقصير الثياب ، في أدب المشي ، في ا دب الكلام، في أدب الجلوس، فأين يغيب عنا عليه الصلاة والسلام؟
أنها أيام الرسول عليه الصلاة والسلام، أنها الأيام التي يجب على الدعاة وطلبة العلم و الشباب أن يعيشوا مساراتها العامة، وجزئياتها الدقيقة ، و أن يجعلوا منها دستورا لأيامهم.
عاش صلي الله عليه وسلم أيام العمر في الأعمال والمهن التي يعيشها غالب الناس، أما رعي الغنم؟ أما رقع الثوب؟ أما حلب الشاة؟ أما كنس البيت؟ أما ضحك وبكي؟ أما صلي ونام؟ أما صام وافطر؟ أما تزوج النساء؟ أما تاجر وسافر؟ أما افتقر فصبر؟ واغتني فشكر؟ بلي... فعل كل هذا
فداك ابى وامى يارسول الله
حكم الناس فهو قدوة للحكام، و أفتى فهو قدوة للمفتين ، ودعا فهو قدوة للدعاة ، و رعي فهو أستاذ للرعاة، و علم الناس فنون الاقتصاد و الحرب والسلم.
كأنه وهو فرد في جلالته
في موكب حين تلقاه و في حشم
· إن محمدا عليه الصلاة والسلام عاش هذا العمر الطويل ليكون أنموذجا حيا لنا. يقول صلي الله عليه وسلم كما عند مسلم: ( و الذي نفسي بيده، لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار) . هذا يهودي أو نصراني أما المسلم فليس في الحسبان أن مسلما يصلي و يعترف بـ ( لا اله إلا الله ) ثم يتخذ غير محمد عليه الصلاة والسلام قدوة وإماما .
حارب عليه الصلاة والسلام، حارب الجيوش الجرارة فكان أول مبارز، و أشجع شجاع، تجرح أمامه الكماة ، وتنهزم أمامه الكتائب، ومع ذلك يتواضع الله، ويعلم أن النصر من عند الله، و يغلب جيشه أحيانا، فتكسر رباعيته، ويجرح ويقتل أصحابه أمامه فيقول: ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إليهِ رَاجِعُونَ) (البقرة: من الآية156) ولكنه مع ذلك لا ينهزم، يواصل المسيرة بعزيمة اقوي واقوي .
لبس الجديد عليه الصلاة والسلام إظهارا للنعمة، و ردا على متصوفة الهندوك الذين يرون التقشف وقتل النفس و القضاء على الطموح:
البس لكل حالة لبوسها
إما نعيمها و إما بؤسها
إن الله جميل يحب الجمال (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (لأعراف: 31) . إظهارا للنعمة و دمغا للباطل ، وهو عليه الصلاة والسلام يلبس البالي تواضعا للحق عز وجل . إذا فمن لبس منا الجديد فقدوته محمد عليه الصلاة والسلام، ومن لبس منا البالي فقدوته محمد عليه الصلاة والسلام ، ومن جلس على كرسيه للحكم فإمامه محمد عليه الصلاة والسلام ، ومن باع أو اشتري ، أو سافر ، أو قام ، أو صام ، أو افطر، أو افتقر ، فإمامه محمد عليه الصلاة والسلام.
هو البحر من أي النواحي أتيته
فدرته المعروف و الجود ساحله
· لكن من الناس من يتصور يوم لا يقرا سيرته انه إمام في الصلاة، و انه صلي بالناس الجنائز وصلاة الاستسقاء و صلاة الكسوف، و انه كان يفتي ، و انه من الأنبياء.
لا، بل نقول هذا النبي إمام اعترف حتى أساطين الكفر انه إمام على مستوي العالم.
( مايكل هرت) صاحب كتاب( العظماء المائة) جعل محمدا عليه الصلاة والسلام في المركز الأول ، و يقول في كتابه: إني اعلم أن الأمريكان سيغضبون يوم جعلت محمدا في المركز الأول لكن ماذا افعل؟ قلنا له: أرغم الله أنوف الأمريكان فهو الأول سواء رضوا أم غضبوا.
وكيف يصح في الأذهان شيء
إذا احتاج النهار إلي دليل
محمد عليه الصلاة والسلام تزوج، فيا من انصرف عن الزوجات بحجة البذل في الدعوة والجهاد، محمد اكبر الدعاة واكبر المجاهدين و تزوج (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً) (الرعد:الآية38).
و ضاحك الأطفال، فيا متكبرا لا يسلم على الأطفال، محمد صلي الله عليه وسلم حمل الأطفال وصلي بالأطفال، عن أبي قتادة قال: ( صلي بنا رسول الله عليه الصلاة والسلام فحمل امامة بنت زينب فكان إذا سجد وضعها، و إذا قام رفعها) و عند النسائي عن أبى برة الغفاري ( إن الرسول عليه الصلاة والسلام صلي بالناس فسجد و أتي الحسن و أعجبه المنظر ، منظر الرسول عليه الصلاة والسلام ساجدا، فامتطي ظهره الشريف، الظهر الطاهر العفيف ، فمكث صلي الله عليه وسلم طويلا لئلا يؤذي الحسن، ثم اعتذر للناس ، و قال: ( إن ابني هذا صعد على ظهري و ارتحلني ، فخشيت أن أقوم فاوذيه، فانتظرت حتى نزل) اسمع يا زمن، و سجل يا تاريخ، و انظري يا دنيا، أي إمام هذا الذي عبأ حاجات الناس كل الناس.
إن الرسول عليه الصلاة والسلام صانع الاضياف و حياهم و أتحفهم و بياهم، قاد الأمة فكانت قيادته دستورا للقادة ومنهجا للزعماء ووثيقة للسياسة.