عند حديث القرآن الكريم عن أبواب جهنم السبعة قال: "حتي إذا جاءوها فتحت".
وعندما تحدث عن أبواب الجنة الثمانية قال: "حتي إذا جاءوها وفتحت". فجاءت
الواو في الحديث عن أبواب الجنة. ولم تأت في الحديث عن أبواب النار. وسبب
ذلك ان الواو المذكورة تسمي "واو الثمانية" وهذه الواو مما درج عليه العرب
في لغتهم. وقد نزل القرآن الكريم بتلك اللغة العربية الصحيحة وسجل تلك
الواو لهم. فكان العرب إذا ذكروا الأعداد قالوا: واحداً. اثنين. ثلاثة.
أربعة. خمسة. ستة. سبعة. وعندما تأتي الثمانية يقولون "وثمانية" فلا ترد
ثمانية إلا مقرونة بالواو. ولهذا سميت الواو "واو الثمانية" لذلك.
ومما
يدل علي ان هذه الواو للثمانية قول الله تعالي في الحديث عن أصحاب الكهف:
"سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم. ويقولون سبعة
وثامنهم كلبهم رجماً بالغيب. قل ربي أعلم بعدتهم". وما حكاه القرآن الكريم
في هذا الموضع يدل لما درجت عليه قريش في لغتها حيث كانت تدخل الواو في
الثمانية وقد فسر القفال وغيره ذلك بقوله: ان البعض ذكروا الأعداد وقالوا
انها تنتهي في لغة العرب عند سبعة. فإذا احتيج إلي الزيادة عليها استؤنف
العدد من جديد بإدخال الواو. ومما يؤكد ذلك حديث القرآن الكريم في موطن آخر
وذلك في قوله تعالي: "التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون
الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر". فجاءت عبارة: الناهون عن
المنكر مقرونة بالواو لأنها الصفة الثامنة في الآية الكريمة. ومما يؤكد ذلك
أيضاً قوله تعالي: "عسي ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلمات
مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً". فجاء وصف الأبكار
مقروناً بالواو لأنه الثامن في الآية الكريمة وعلي هذا النسق القرآني في
التعبير جاءت الواو في الحديث عن أبواب الجنة لأنها ثمانية فقال تعالي:
"حتي إذا جاءوها وفتحت أبوابها". ولم يقل ذلك في الحديث عن أبواب جهنم
لأنها سبعة. وذلك في قوله تعالي: "حتي إذا جاءوها فتحت أبوابها". وإذا كانت
واو الثمانية قد وردت للتفرقة بين ما قبلها من نهاية العدد في لغة العرب.
ومبتدئة فيما بعدها. فحيث انتفت تلك التفرقة واستمرت الأسماء والصفات علي
منوال واحد في الكمال فإنها لا ترد. وهذا ما يفسره قول الله تعالي: "هو
الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار
المتكبر" حيث لم ترد الواو هنا للمانع من ورودها ولتسلم واو الثمانية من
العارض.