من كرامات الشهداء الأبرار
بقلم الباحث محمد لجين الزين
هم مؤمنون اصطفاهم الله تعالى لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ففازوا و ربحت تجارتهم... فأكرمهم الحي القيوم بالحياة بيننا مع أننا لا نشعر بذلك...؟؟؟
يقول تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) [البقرة: 154]. هؤلاء الذين وضعوا بعد مرتبة الصديقين وقبل الصالحين في قوله تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69-70].
الذي يتأمل الآية الكريمة ويتدبر عبارة (بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) سيجد فيها إعجازاً رائعاً، لأن مصيرنا الفناء إلا أجساد الأنبياء كما روي عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) في سنن أبي داوود والنسائي.
إن الشهداء تبقى أجسادهم بيننا غضة طرية لأن أرواحهم تتغذى من ثمار الجنة و هذا ما يعلل رائحة المسك ونزفهم للدم ونمو اللحية وتعرقهم مع أن بعض الشهداء قد مضى على استشهادهم سنين وعقود وحتى قرون، وهو يعلل عدم تحلل الخلايا وعدم اقتراب الميكروبات والحشرات والقوارض منها.
فناء الأجساد طبياً:
من المعلوم أن فناء اللحم يكون بين ستة أشهر إلى عام والعظم بين عشرين إلى خمسين عاماً، ويتحلل الجسد حسب طبيعة الجو المحيط (الرطوبة والحرارة والتعرض للشمس ومكان وطبيعة الموت وطبيعة الجسد) (1).
مراحل التحلل: عند موت الإنسان يبدأ التحلل داخلياً بعد أربع دقائق و هو ما يسمى علمياً التحلل الذاتي فيستهلك الأوكسجين و تزداد نسبة ثاني أكسيد الكربون و الفضلات التي تسمم الخلايا ثم تبدأ بعض الأنزيمات بتحليل الخلايا من الداخل بسبب ازدياد نسبة الحموضة فتفكك الشحوم والبروتينات والسكريات لعناصر أبسط و هذا التحلل لا يكون ظاهر للعيان في الأيام الأولى ولكنها تكون كثيفة في الكبد بسبب كثافة الأنزيمات و الدماغ بسبب نسبة السوائل الموجودة به ويتغير لون الدم ويتجمع الدم تحت الجلد و بسبب ازدياد نسبة الحموضة تتجلط السيتوبلازما ثم تبدأ مرحلة البلاء أو الاهتراء حيث تقوم البكتريا اللاهوائية والهوائية والفطور بتحليل الخلايا بعد أن قضت على الدفاعات المتبقية من الكريات البيض و تجعلها تنهار بالكامل و تحولها لغازات و سوائل و مواد أولية و يتغير لون الدم إلى الأخضر القاتم و الغازات الناتجة عن التحلل هي الميثان وثاني أكسيد الكربون وسلفيد الهيدروجين و الأمونيا. و إن لم تخرج من الفتحات الطبيعية قد تتسبب بانفجار الجسد، و هذه الغازات هي التي تعطي رائحة الإنتان لجسد الميت و كل هذا ضمن الأسبوع الثالث ثم تقوم بعض الحشرات التي لها دور هام في الفناء بوضع بيوضها في الفتحات الموجودة و تقوم يرقاتها بالغذاء على الجسد المتحلل ثم تتعاون كل هذه المخلوقات على تحليل اللحم والعظم ويفنى اللحم قبل العظم بسبب طبيعته و هنا تبدأ مرحلة التحلل الجاف حيث ينبت على العظم المتبقي طحالب تساهم في تفتيته و ذلك حسب الرطوبة المتوفرة و في العقد الأول تظهر على العظام شقوق و يتقشر و لكنه يتحول إلى غبار مع مرور الوقت ( أي من التراب و إلى التراب نعود ) (2).
كرامات الشهداء والروايات الموثقة:
أتانا عن طريق التواتر والقصص المروية عن أشخاص ثقات أن بعض الذين استشهدوا في سبيل الله تعالى قد بقيت أجسادهم غضة طرية لمدة سنوات وعقود وحتى قرون بدون أن يتغير لون الجلد و أن رائحة المسك كانت تخرج منهم ودمائهم تنزف من مكان إصابتهم و منهم من طالت لحاهم ومنهم من بقيت أجسادهم في الأرض الفلاة لسنين ولم تأكلها الضباع ولا الكلاب... !!!!
شهداء أحد:
ذكر الدكتور طارق السويدان في سلسلته (قصة النهاية) نقلا مباشرا عن الشيخ محمود الصواف الحادثة العظيمة التي تشرف بها بعض العلماء في إعادة دفن بعض شهداء أحد وكيف أنه بعد مضي 1400 سنة من استشهادهم كانت أجسادهم باقية كما هي لم تتغير ولم تتعفن ولم تتحلل.
يقول الدكتور السويدان: (وقد حدثنا الشيخ محمود الصواف رحمه الله انه دُعي فيمن دُعي من كبار العلماء لإعادة دفن شهداء أحد في مقبرة شهداء أحد التي أصابها سيل فانكشفت الجثث: يقول من الجثث التي دفنت كان حمزة رضي الله عنه، فيقول ضخم الجثة مقطوع الأنف والأذنين بطنه مشقوق وقد وضع يده على بطنه فيقول فلما حركناه ورفعنا يده سال الدم) (3).
الشهيد سمير.. بقي جسده كما هو بعد 15 عاماً من استشهاده
«نسمع كثيرا عن كرامات الشهداء، وغالباً ما كنت أعتقد أنه مبالغ فيها ولا أصدقها برغم إيماني بوجودها، لكن ما حدث قبل أيام جعلني أصدق كل ما أسمعه، فعندما فتحنا القبر وجدنا الشهيد سمير شحادة كما تركناه قبل 15 عاما، وكأنه استشهد قبل ساعة واحدة فقط».. بهذه الكلمات علق ماهر كتوت من البلدة القديمة في نابلس حينما شاهد كالمئات غيره واحدة من تلك الكرامات، فقد كان الجسد سالماً من أي تغيير، فكان على حاله يوم استشهاده!! - يقول عامر شقيق سمير: «توجهنا بعد وفاة والدتي إلى المقبرة لنفتح قبر شقيقي استعدادا لدفن الوالدة فيه كما أوصت في حياتها، وكنا قد استفتينا عددا من العلماء حول جواز دفنها في نفس قبر ابنها، فأشاروا لنا بالجواز بسبب طول المدة، فقد كنا نعتقد إن مدة 15 عاماً كافية لأن لا يبقى من جسده سوى بعض العظيمات، عندما فتحنا القبر كانت المفاجأة الكبرى أننا وجدنا سمير كهيئته يوم استشهاده، وجسده كما هو لم يأكله الدود، حتى ملابسه لم تتلف، وكذا العلم الفلسطيني الذي لُفَّ به لم يتغير لونه، لمسناه فإذا هو مبلول من مياه الأمطار التي تساقطت يوم استشهاده، وكذلك رأسه كان مبتلاً وقد رأينا شعره ممشطاً كما لو أنه قد سرحه قبل لحظات...! و زادت دهشتنا عندما هممنا بتحريكه لنفسح المجال لدفن الوالدة إلى جانبه، فإذا بجسده ما زال دافئاً ودماؤه الحارة ذات اللون الأحمر القاني تسيل من جديد وكأنه أصيب قبل دقائق معدودة». (4)
الغلام النصراني:
قال القرطبي في كتابه: وهكذا حكم من تقدمنا من الأمم ممن قتل شهيداً في سبيل الله أو قتل على الحق كأنبيائهم، وفي الترمذي في قصة أصحاب الأخدود: [أن الغلام الذي قتله الملك دفن]، قال: يذكر أنه أخرج في زمن عمر بن الخطاب وأصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل. وقصة الأخدود: مخرجه في صحيح مسلم، وكانوا بنجران في الفترة بين عيسى ومحمد (صلى الله عليه وسلم ). (5)
شهداء النكبة المصريين:
يروي الدكتور محمود النجار أنه شارك شخصياً مع أخيه عام 1956م في احتفال تكريمي أقيم لشهداء من الجيش المصري، الذين جاهدوا في سبيل الله ضد الصهاينة عام 1948م. و قد رأى بأم عينه نقل حوالي خمسة و أربعين شهيداً بملابسهم، ما زالت أجسادهم كما هي، رغم مضي ثمانية أعوام على استشهادهم.. !!! (5)
الشهيد الأردني:
صورة لشهيد مسجى في نعشه وهو بتسم
الشهيد العريف حسين محمد عوض المومني من بلدة عبين في محافظة عجلون – الأردن. الذي استشهد على أرض فلسطين عام 1976م في منطقة طوباس، ثم وجدت جثته بعد ما يزيد على عشرة سنوات من استشهاده، كاملة لم تتغير، و قد رفض أهل طوباس نقل جثة الشهيد إلى مسقط رأسه، تيمناً بها و تكريماً لها.
شهداء أفغانستان:
* كان أحد المجاهدين حافظا للقرآن واسمه (سيد شاه) عابدا متهجدا وكان صاحب رؤيا صادقة (رؤاه تأتي كفلق الصبح) وله كرامات كثيرة؟ ثم استشهد؟ أتي قبره بعد سنتين ونصف فكشف فوجد كما هو إلا أن لحيته طالت؟ والأعجب من هذا أنه وجدت فوقه عباءة سوداء حريرية لم ير مثلها أبدا في الأرض و رائحتها أطيب من المسك والعنبر.
* قال حبيب الله: استشهد أخي ياقوت وبعد ثلاثة شهور رأته أمي في المنام فقال: كل جروحي برأت إلا جرح في رأسي؟ فأصرت أمي أن تفتح القبر -وكان قبر أخي بجانب قبر آخر- فظهرت حفرة ظهر من خلالها القبر الآخر؟ فرأينا أفعى فوق الميت فقالت أمي لا تحفروا فقلت: إن أخي شهيد ولا يمكن أن نجد أفعى؟ وعندما وصلنا للجثة فاحت العطور وعبقت في أنوفنا حتى كدنا نتخدر لشدة الرائحة؟ ووجدنا جرحه الذي في رأسه ينزف دما ؟ فوضعت أمي إصبعها في دمه فتعطر إصبعها و بقي بعد مرور ثلاثة أشهر معطرا يعبق شذى طيبا.
* كان (عبد الجليل) طالب علم صالحا فأصابته قذيفة طائرة فاستشهد؟ وبعد صلاة الجنازة عليه عصرا أرسلوه إلى بيت أبيه وبقي حتى الصباح؟ والمجاهدون عنده وهو يفتح عينيه ويبتسم؟ فجاء المجاهدون إلى (أرسلان) وقالوا له أنه لم يمت و لا يجوز دفنه حتى نتأكد من حياته ولا بد من إعادة صلاة الجنازة عليه؟ قال (أرسلان): إنه استشهد بالأمس ولكن هذه كرامات الشهيد.
* حدثني محمد صاحب -وهو مدعي عام خريج الشريعة في كابل- قال: لقد رأيت العرق يفيض من جبين الشهيد عيد محمد بعد ثلاثة أيام من استشهاده، و هو من طلبة العلم في زرمت قرب كرديز، وكلما مسحنا العرق عن جبينه فاحت رائحة المسك وفاض العرق مرة أخرى.
شهداء فلسطين الطاهرين:
* فوجئ جعفر شقيق الشهيدين القساميين محمد و عاصم ريحان من بلدة تل جنوب غرب نابلس لدى فتح قبر الشهيد محمد بعد مرور مائة يوم على استشهاده في يوم 18/2/2002 و أثناء محاولة العائلة و الأهالي تجهيز القبر لبناء ضريحه و ضريح الشهيد القسامي ياسر عصيدة من كتائب القسام فوجئوا برائحة المسك المعطرة تفوح بعبقها من الجثمان لدى فتح القبر، و لمس جعفر دم الشهيد فوجده لا زال ساخناً و كان نائماً نومة العروس المطمئنة و أنه فكّر بإيقاظه، و رأى عرقه على جبينه و مسحه بيده أمام ذهول الناس، و الأكثر عجباً و دليلاً على كرامة الشهداء هو أن لحية الشهيد قد طالت أكثر فكبر الأهالي و حمدوا الله على كرامة الشهيد.
* الشهيد أنور حمران: ذهبت والدته و زوجته و شقيقاته لوداعه وكان في ثلاجة المستشفى وبعد عناقه أصاب دمه ملابس زوجته وأمه وعند خروجهما من المستشفى فاحت رائحة المسك من دمه بشكل قوي جداً.
* الشهيد محمد يوسف الأشقر ابن كتائب الأقصى دمه لم يتوقف عن التدفق من رأسه مكان الإصابة منذ بداية الإصابة و حتى نزوله للقبر.
و قصص أخرى في الكتب التالية: آيات الرحمن في جهاد الأفغان (عبد الله عزام) الميكروبات وكرامات الشهداء (دكتور عبد الحميد القضاة) ملحمة الفلوجة (هيئة العلماء المسلمين).
ما هو موقف العلم من هذا:
العلم وقف عاجزاً عن تحليل هذا الأمر والملحدين شككوا فيها وسموها خرافات وهناك من المسلمين من بني جلدتنا من شكك أيضاً للأسف الشديد.
الدكتور عبد الحميد قضاة اجتهد وعلل ذلك بأن المكروبات هي جنود لله تعالى تنفذ أمره وقد أمرها بأن لا تقرب جسد الشهيد، لكن كيف سنعلل ابتسامتهم ونزيف دمائهم و تعرقهم و نمو لحاهم ورائحة المسك التي تخرج منهم... !!!
فضل الشاهدة في سبيل الله:
يقول الله تعالى في سورة آل عمران: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 169-171].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلمقَالَ (لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يَغْفِرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ وَيُزَوَّجُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ) سنن ابن ماجة.
وقد قال شارح العقيدة الطحوية: (وحرم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء...، أما الشهداء، فقد شوهد منهم بعد مددٍ من دفنه، كما هو لم يتغير، فيحتمل بقاؤه كذلك في تربته إلى يوم محشره، ويحتمل أنه يبلى مع طول المدة، وكأنه كلما كانت الشهادة أكمل، والشهيد أفضل، كان بقاء جسده أطول).
أفرد البخاري في الجزء الرابع من صحيحه باباً في "فضل الجهاد والسير". ويبدؤه بالآية الكريمة: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 111].فالشاري هو الله تعالى وكما نعلم فالخير يعم و الشر يخص فلحق الجسد ما لحق الروح من تكريم من عليين...
إن هذا التكريم الإلهي للشهداء هو دليل على صواب الطريق و صحة المسيرة، و هو اصطفاء واختيار من الله تعالى للمخلصين من عباده، فهم مكرمون بالدنيا و الآخرة، و هي إشارات خير و بشرى، تطمئن قلوب ذويهم، و تشحذ همم محبيهم، وهذا يشوقنا لتمني الشهادة في سبيل الله.