منتدى سيتى شات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

ملتقى العباقرة للكلام العام .

أهلا وسهلا بك يا زائر فى منتدى سيتى شات أخر عضو مسجل meenna sayed فمرحباً به ..
«-[ أجدد الأفلام فى منتدى سيتى شات - CityChat ]-»

ملكه الاحساس

ملكه الاحساس

عضو موهوب
عضو موهوب
اعلام الدول :
مصر
عبر عن مودك :
ممتازه
العمل :
جامعي
مهاراتك الفنية :
السفر
الجنس :
انثى
السمعة :
ليس لديك تحذيرات
عدد المشاركات :
2705
نقاط :
29867
تاريخ الميلاد :
17/04/1980
العمر :
44
تاريخ التسجيل :
17/08/2010


مقال رائع من روائع الدكتور مصطفى محمود رحمه الله‏

من قرأه بتأمل


سيجد شيئاً عجيباً فينفسه




العذاب ليس له طبقة



الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب.










و
ساكن الحي الراقي الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و
التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و
السكر و الضغط







و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق.





و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة.




و
الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء و انتصر في كل
معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين و انتهى
إلى الدمار.


و السيد أو الرئيس أو الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبدا لشهوته خادما لأطماعه ذليلا لنزواته.

و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات.

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعد الفوارق.

و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب.
فالله
يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر.. و لو دخل كل
منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال
الموازين الظاهرية.. و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور.

إنما
هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب.. و
في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة.

و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق.
و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب.
و
لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش بالضمير و
لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة و الحظوظ كما
قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء و السعادة متقارب برغم
الفوارق الظاهرة بين الطبقات.. فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك
بين الكل.. يتجرع منه كل واحد كأسا وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم
اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات

و ليس
اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف.. فهناك نفس
تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة و تلك نفوس مستنيرة
ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله.. و هناك نفوس
تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال.. و تلك هي النفوس
المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله.

و كل
نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر.. حيث يكون الشقاء
الحقيقي.. أو السعادة الحقيقية.. فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى
الجحيم.

أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل.. و الكل في تعب.
إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف.. فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.
و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت.
فذلك هو المسرح الظاهر الخادع.
و
تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو
أحدنا ملكاو الآخر صعلوكا و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم.

أما وراء الكواليس.
أما على مسرح القلوب.
أما في
كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة..فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا
متخم و لا محروم.. و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا
تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها على المحروم و ينير بها
ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و
يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم.. ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على
بصائر المترفين و يوهن قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان
المسرفين.. و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات
المبشرة التي تأتي من الجنة.. و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود.. يوم
تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق و إلى نعيم حق..
يوم لا تنفع معذرة.. و لا تجدي تذكرة.

و
أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم و أهل الله في راحة لأنهم
أسلموا إلى الله في ثقة و قبلوا ما يجريه عليهم و رأوا في أفعاله عدلا
مطلقا دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضا، فجمعوا لأنفسهم بين
الراحتين راحة القلب و راحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي راحة
البدن.. بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم.

أما
أهل الغفلة و هم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضا من أجل اللقمة
و المرأة و الدرهم و أمتاراً من الأرض، ثم لا يجمعون شيئا إلا مزيدا من
الهموم و أحمالا من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعا لا يشبع.

فانظر من أي طائفة من هؤلاء أنت.. و اغلق عليك بابك و ابك على خطيئتك.
(من روائع دكتور مصطفى محمود رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وغفر له)




privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى