بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار
المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
الفرق الشاسع بين واقع المسلمين اليوم وبين واقع الصحابة:
أيها الأخوة الكرام، مع درس من دروس حقائق الإيمان والإعجاز العلمي،
والحقيقة أن هذه العبادات التي كلفنا الله بها، العبادات الشعائرية كالصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، الصيام ثاني أكبر عبادة في الإسلام، المشكلة التي نلمحها
عند المسلمين أنهم ألفوا هذه العبادات الشعائرية، وكأنها عادات، وابتعدوا عن مقاصدها الكبيرة، أي نصوم رمضان، ونحج بيت الله الحرام، وندفع الزكاة، ونصلي،
يا ترى هذه الصلاة التي نصليها هي التي أرادها الله ؟
هذا الصيام الذي نصومه هو الذي أراده الله ؟ لماذا الصحابة الكرام تألقوا تألقاً لا حدود له ؟
لماذا كانوا رهباناً في الليل فرساناً في النهار ؟
لماذا وصلت راياتهم إلى أطراف الأرض ؟
لماذا كانوا على حبٍّ لا يوصف فيما بينهم ؟
تجد العالم الإسلامي الآن مشرذماً، مبعثراً، متفرقاً، ضعيفاً، ليست كلمته هي العليا، يا ترى لو أن العبادات التي أرادها الله نصليها كما صلاها الصحابة لكان من
الممكن أن نحقق نتائج الصحابة الكرام ؟ قلة قليلة خلال ربع قرن تكتسح العالم، من مشارف باريس إلى أطراف الصين، والآن خمس دول إسلامية محتلة،
وليست كلمة المسلمين هي العليا، وليس أمرهم بيدهم، وإذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لن تغلب اثنا عشر ألفاً من قلة ) [ أبو داود و الترمذي عن
الزهري]
والمسلمون اليوم مليار وخمسمئة مليون، هذه أسئلة ألم تخطر على بالكم ؟
ما الفرق بيننا وبين أصحاب رسول الله ؟
القرآن هو هو، الله إلههم وإلهنا، والقرآن كتابهم وكتابنا، والنبي نبيهم ونبينا، أي الإسلام واحد، ما هذا الفرق الشاسع بين واقع المسلمين اليوم وبين واقع
الصحابة ؟
رمضان شهر صلة بالله و خلوة معه فلنحرص عليه:
أتصور بعض الأسباب هي أن العبادات التي أدوها أدوها أداءً غير أدائنا، وأوضح مثل أن شهر الصيام شهر الانضباط، شهر الاستقامة، شهر المغفرة، شهر التوبة،
شهر الاعتكاف، شهر قيام الليل يومياً، شهر صلاة الفجر يومياً، شهر غضّ البصر، شهر ضبط اللسان، هذا الشهر كان شهر عبادة فأصبح شهر حفلات، وولائم،
ولقاءات، وسهرات حتى الفجر، وكأن وجبات الطعام الدسمة انتقلت من النهار إلى الليل، الذي يفعله المسلمون على عكس ما أراده الله من هذا الشهر، هذا
شهر عبادة، شهر اعتكاف، شهر عزلة، شهر صلة بالله، شهر خلوة مع الله، فإذا هو شهر لقاءات، وسهرات، ومسلسلات، وأفلام، وكل هذه المعاصي والآثام
كانت في رمضان إكراماً لشهر رمضان المبارك، هذا الواقع المخزي بين حالة الصيام التي كان عليها السلف الصالح وبين حالة الصيام التي نحن عليها اليوم.
أتمنى أن يرسم الإنسان خطة، أنت لا تستطيع أن ترفع السرعة من صفر إلى مئة إلا بالتدريج، ولذلك لا تستطيع بواحد رمضان أن تنتقل نقلة فجائية، لا، من الآن
هيئ نفسك لهذا الشهر، لذلك هناك أحداث عند الأسر ينبغي ألا تكون في رمضان، أي فض شركة لا يكون في رمضان، حل مشكلة كبيرة جداً لا يكون في
رمضان، هذا رمضان كما يقولون لا يسع غيره، هذا الذي يصوم ثلاثين يوماً، ثلاثين صلاة فجر، ثلاثين تراويح، ثلاثين قراءة قرآن يومياً، غض بصر حازم جداً، ترك
الملهيات كلياً، الأذكار، الإنفاق، الاتصال بالله، مجاهدة النفس والهوى، ما قولك أن هذا الشهر يمضي وتمضي مع هذا الشهر المتاعب، والالتزام، ويبقى الأجر
والثواب، للصائم فرحتان فرحة يوم يفطر وفرحة يوم يلقى الله.